صحيح أن أحمد بن حنبل هو أول من قال بها، ولكنه لم يقنع بها أهل الحديث كما قدمنا، لاقتدائهم بعبد الله بن عمر.
فلا بد لذلك من وقت طويل حتى يقتنع الناس ويقبلوا الفكرة التي ظهر بها أحمد بن حنبل، والتي قد يظهر الحنابلة بمظهر المنصفين والمتقربين لأهل البيت فتميزهم عن المذاهب السنية الأخرى من المالكية والحنفية والشافعية والذين كانوا يتنافسون لكسب المؤيدين. فلا بد إذا من قبول الفكرة وتبنيها.
وبمرور الزمن قال أهل السنة والجماعة كلهم بمقولة أحمد بن حنبل وقبلوا بتربيع الخلافة بعلي وأوجبوا له ما أوجبوه للخلفاء الثلاثة من الاحترام والترضي.
أليس هذا أكبر دليل على أن أهل السنة والجماعة كانوا من النواصب الذين يبغضون عليا ويعملون على انتقاصه وإسقاطه.
ولقائل أن يقول: كيف يصح ذلك ونحن نرى اليوم أهل السنة والجماعة يحبون الإمام عليا ويترضون عنه؟
فنقول نعم، لما قدم العهد ومات الأئمة من أهل البيت ولم يعد هناك ما يخيف الحكام ويهدد ملكهم، وتلاشت هيبة الخلافة الإسلامية واستولى عليها المماليك والمغول والتتار، وضعف الدين وأصبح أكثر المسلمين يشغلهم الفن والطرب واللهو والمجون والخمر والجواري، وخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وأصبح المعروف عندهم منكرا والمنكر عندهم معروفا وعم الفساد البر والبحر، عند ذلك بكى المسلمون على أسلافهم وتغنوا بأمجادهم وتذاكروا أيامهم فسموها بالعصور الذهبية وبما أن أفضل العصور عندهم هو عصر الصحابة فهم الذين فتحوا الأمصار ووسعوا المملكة الإسلامية شرقا وغربا ودان لهم الأكاسرة والقياصرة فترضوا على الصحابة جميعا بما فيهم علي بن أبي طالب، وإذا كان أهل السنة والجماعة يقولون بعدالتهم جميعا فلا يمكنهم عند ذلك أن يخرجوا عليا من بين الصحابة.
ولو قالوا بإخراجه لافتضحوا وكشف أمرهم عند كل عاقل وباحث، فموهوا