ولما آلت الخلافة إلى الإمام علي بالطريق التي آلت فيها إلى الخلفاء الثلاثة الأول، كانت ولايات الدولة كلها تحت أمرة الطلقاء والمؤلفة قلوبهم وأصحاب السجلات الحافلة بمعاداة الله ورسوله عندئذ انبرى له معاوية الذي أكمل استعداداته وادعى بأنه أولى منه بالخلافة!!! وتمكن معاوية بالتقتيل والتطريد والتشريد والتنكيل وتبذير أموال المسلمين من الاستيلاء على منصب الخلافة بالقوة والقهر والتغلب، وتحويل الخلافة إلى ملك أموي خالص يتوارثه أبناؤه وأقرباؤه من بعده!! وبعد أن غلب الأمة، وسلب منها أمرها دون مشورة أصدر مراسيمه الجائرة ومنها مرسوم شتم الإمام ولعنه ومطاردة أولياء أهل بيت النبوة، واستمر العمل بتلك المراسيم البربرية حتى عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فألغى كافة هذه المراسيم!!
وبعد أن ألغى عمر بن عبد العزيز تلك المراسيم رغما عن إرادة النواصب اعتبر فقهاء الدولة، أن مراسيم اللعن ومطاردة أهل بيت النبوة كانت من قبيل " الاجتهاد " ليس إلا!!! وأن الحروب الطاحنة التي شنها معاوية على الإمام الشرعي ما هي أيضا إلا اجتهاد!!! وصراع بين " صحابيين " هما " علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان " " رضي الله عنهما " وهكذا ترضى الفقهاء عن علي تبعا لترضي الدولة عليه، وكانوا بالأمس قد لعنوه وأفتوا بلعنه والبراءة منه عملا بأمر الدولة!! لأنهم ليسوا أكثر من دمى أو حجارة شطرنج تلعب بهم الدولة المتغلبة كما تشاء، فلو أن الدولة قد أمرتهم بلعن رسول الله نفسه لنفذوا أمرها، ولأوجدوا لهذا الأمر عذرا!! لقد سبوا رسول الله فعلا كما قالت أم المؤمنين أم سلمة، فهم يعرفون قولا مستفيضا عن رسول الله " من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله ".
وبالرغم من أن تلك الأفعال لا يمكن الاعتذار عنها إلا أنهم قد ادعوا بأنها من أفعال البر والخير!! التي تستوجب رضا الله وأجره، وأن معاوية