شرعيته، وقاموا بجهد معاكس لسنة الخليفتين، فحثوا المسلمين على كتابة ورواية سنة الرسول، وعلى تدوين كل أقسام العلوم، وأنهم قد احتفظوا بكتبهم، ولم يسلموا الخلفاء سنة الرسول المكتوبة عندهم، لكنها كانت مجهودات محدودة الأثر أمام طاقات دولة الخلافة وإمكانياتها، ونفوذها، لقد طغى جهد الدولة على جهد الإمام علي والفئة القليلة المزمنة، لأن الناس مع من غلب حسب سنة الخلفاء، وعندما آلت الخلافة إلى الإمام علي، وجه جهده وعنايته نحو نشر سنة رسول الله، لكن من الناحية الواقعية لم يكن مع الإمام علي إلا القلة المؤمنة، أما الأكثرية الساحقة فقد كانت تتدين لسنة الخلفاء، وبالتالي لم تصغ للإمام علي، لأن الإمام عليا كان منذ اليوم الذي توفي فيه رسول الله وحتى اليوم الذي تولى فيه الخلافة كان من الناحية العملية قيد الإقامة الجبرية، ومعزولا عن المسلمين هو وأهل بيته، وكذلك القلة المؤمنة، فضلا عن ذلك فإن كل الولاة والعمال والأمراء وموظفي دولة الخلافة كانوا من الكارهين للإمام علي بن أبي طالب ولأهل بيت النبوة ومن والاهم، كان الإمام مدركا عندما تولى الخلافة أن الأغلبية الساحقة من الأمة معبأة من قديم ضده، وأن كلمته غير مسموعة عندهم، ولو كانت هذه المعوقات قد اعترضت غير الإمام علي لما استطاع أن يصمد في منصب الخلافة لأكثر من ساعة واحدة، لكن الإمام عليا طراز خاص من البشر، والقلة المؤمنة التي التفت حوله، وصدقته الولاء كانت من أنبل بني البشر!! كان الإمام عليا يعلم بأن صوته في هذه الظروف غير مسموع عند الأغلبية الساحقة من الأمة التي كانت تتعبد بسنة الخلفاء، فضلا عن تلك الحرب القذرة التي شنها على الإمام علي أعداء الله السابقون بقيادة معاوية، لقد استهلكت هذه الحرب الجزء الأعظم من اهتمام الإمام ولأن الإمام عليا كان يعلم طبيعة دين الأكثرية فقد لجأ لأسلوب المناشدة كما فعلنا سابقا حيث يسأل المتواجدين معه بالله أن من سمع رسول الله يقول كذا، أو كذا فليقف كانت أخبار هذه المناشدات. تنتشر لدى الأكثرية لكن
(٣٦٧)