حاجات أبناء البشر متشابهة وتلك أمور تدرك بالعقل والفطرة، فجميع أبناء البشر يأكلون ويشربون ويتزاوجون، ثم إن الرسول لا ينطق عن الهوى بل يتبع ما يوحى إليه من ربه، فلا بد من أن يتلقى التوجيه الإلهي بأمر بهذه الخطورة، وطوال عهده الشريف كان يقسم بين الناس بالسوية حتى أصبح عمل الرسول وسنة فعلية وقولية معا!! لما استولوا على منصب الخلافة التزم أبو بكر بسنة رسول الله، فقسم المال بين الناس بالسوية، ولما تولى عمر الخلافة رأى أن سنة الرسول التي تقسم بين الناس بالسوية ليست مناسبة، لذلك أوجد سنة بديلة مناقضة تماما لسنة الرسول وقائمة على أساس التفاضل بين الناس فلا يعقل حسب سنة عمر أن يعطى المهاجر مثل الأنصاري، ولا العربي مثل العجمي ولا... الخ، لذلك اخترع للناس منازل من عنده، وفضل المهاجرين على الأنصار، وقريشا على العرب، والعرب على العجم، وأعطى زوجات الرسول عطاء خاصا يفوق حد التصور والتصديق، وزائدا عن حاجة كل واحدة منهن!! بل إنه لم يساو في العطاء بين زوجات الرسول، فأعطى عائشة وحفصة أكثر من باقي أزواج الرسول " (1) وفرض هذه السنة على الناس، بعد أن ألغى سنة الرسول.
وهكذا وجد في المجتمع سنتان، سنة عمر المعمول بها والقائمة على التمييز بين الناس في العطاء، وسنة الرسول التي أهملت والقائمة على التسوية بالعطاء، فمن المحال عقلا تطبيق سنة الرسول وسنة عمر في المجتمع نفسه، وبالضرورة يجب أن تلغي إحداهما الأخرى، فإما أن يعمل بسنة الرسول وتهمل سنة عمر، وإما أن يعمل بسنة عمر وتهمل سنة الرسول!!! لقد اختار عمر الحل الأخير فأهمل سنة رسول الله، وأعمل بسنته!! ونتيجة هذه السنة الجديدة أشعل عمر دون أن يدري نار الصراع بين ربيعة ومضر وبين الأوس والخزرج وبين العرب والعجم، وبين الصريح