فأهل بيت النبوة والقلة المؤمنة كانوا خارج هذه الإجماع، فاعترضوا علنا على سنة الخلفاء، وطعنوا بشرعيتها، بل اعترضوا على شرعية تنصيب الخلفاء، فقالوا إن الخلافة حق شرعي خالص لهم، وإن الخلفاء قد غصبوا هذا الحق من أهله! فما هو شرعية إجماع أهل بيت النبوة ليسوا فيه!!! ثم إن هنالك مناخا من الرعب والإرهاب لا مثيل له، فلا يستطيع أحد أن يعترض الخليفة أو أعوانه إلا في الحدود التي رسمها الخلفاء وأعوانهم، ولا يستطيع أحد أن يقول الحقيقة، لأن قول الحقيقة يعني الموت، أو مواجهة خاسرة مع دولة كبرى، أو قطع العطاء، أو الحرمان من كافة الحقوق والعزل الاجتماعي وقد رأينا ما قاله حذيفة " لو كنت على شاطئ نهر وقد مددت يدي لاغترف، فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصلت يدي إلى فمي حتى أقتل " (1) وحذيفة من كبار الصحابة وليس رجلا عاديا، ومع هذا فإن الموت ينتظره إن كشف شيئا من الحقيقة!! فانظر إلى قول أبي هريرة " حفظت من رسول الله وعاءين أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم " (2) ثم انظر إلى قول آخر لأبي هريرة " إني لأحدث أحاديثا عن رسول الله تكلمت بها زمن عمر لشج رأسي " (3) ولا أحد يدري ما جرى للصحابي الكبير أبي بن كعب، يوم حل الصمت فقال: " لأقولن قولا لا أبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني " (4) وترقب الناس الموعد الذي حدده هذا الصحابي الكبير لكشف الحقائق، وفجأة بلغ الناس موته، فحمدوا الله أن سترهم! (5) أنت تلاحظ أن منية هذا الصحابي الجليل ما دنت إلا يوم هدد بكشف الحقائق، ولو لم يهدد لعاش طويلا!!!
(٣٤١)