الجيش وهو فتى غير مناسب!!! والأفضل أن يعين الرسول بدلا منه!! هذه هي الحجة التي احتجوا بها حتى لا يخرجوا مع الجيش، فاضطر الرسول أن ينهض من فراش الموت وهو معصوب ومحموم، وأن يصعد المنبر، وأن يدافع عن قراره بتأمير أسامة وأن يؤكد ذلك بقوله: (... وأيم الله إنه لخليق بالإمارة (1) ومع هذا فقد أصروا على موقفهم بأن تأمير الرسول لأسامة غير مناسب ويتوجب على الرسول أن يستبدله!!! ومن الطبيعي أن يصر الرسول على قراره فكان يقول: (جهزوا جيش أسامة، أرسلوا بعث أسامة) وكرر ذلك مرات متعددة وهم متثاقلون (2) ويبدو أن ذلك النفر قد ضغط على أسامة ضغطا شديدا، فدخل على رسول الله فأمره رسول الله بالسير وقال له: (أغدو على بركة الله (3) فقال أسامة للرسول: دعني أمكث حتى تشفى، فقال الرسول أخرج وسر على بركة الله، فقال أسامة: إن خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي قلبي قرحة، فقال الرسول: سر على النصر والعافية فقال أسامة: يا رسول الله إني أكره أن أسائل عنك الركبان فقال الرسول: أنفذ لما أمرتك به) (4) فقام أسامة، ثم أغمي على الرسول، واستفاق وأخذ بقول: أنفذوا بعث أسامة، لعن الله من تخلف عن بعث أسامة!! ومع هذا لم يخرجوا ولم يستجيبوا لرسول الله، وأصروا على رأيهم بأن تأمير الرسول لأسامة عمل غير صائب فلا ينبغي لأسامة وهو فتى أن يتأمر على شيوخ المهاجرين والأنصار!! وحتى بعد أن توفي الرسول أصروا على رأيهم وضغطوا على الخليفة الأول كي ينزع أسامة!! لأن تأمير (1) المغازي للواقدي ج 3 ص 119، والطبقات الكبرى ج 2 ص 190، وشرح النهج ج 1 ص 57، والسيرة الحلبية ج 3 ص 207 و 243.
(2) كنز العمال ج 10 ص 573، ومنتخب الكنز بهامش مسند الإمام أحمد ج 4 ص 182.
(3) المغازي للواقدي ج 3 ص 112، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 191، والسيرة الحلبية ج 3 ص 208 وص 235، والسيرة الدحلانية ج 2 ص 340، وشرح النهج ج 1 ص 160، وكنز العمال ج 10 ص 571.
(4) السقيفة للجوهري راجع شرح النهج ج 6 ص 52. (*)