الطبري في تاريخه (أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فكان عمر يقول: (ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر) (1) فلو لم تكن علاقته وطيدة بهم، أو على اتفاق معهم فكيف عرف أنهم معه؟ بمجرد رؤيته لهم؟
هذه الشبكة الهائلة من العلاقات والمعتقدات، مكنت زعامة الأكثرية من اختراق وحدة القلة المؤمنة، ومن إيجاد شرخ فيها، ومكنت عمر بن الخطاب من تكوين جبهة عريضة، تتكون من الأكثرية التي كانت مشركة ثم أسلمت، ومن المرتزقة من الأعراب، بل واقتطع معه فريقا من القلة المؤمنة، هذه الجبهة العريضة كانت متفقة على الحيلولة بين آل محمد وبين رئاسة الأمة، وبين سنة الرسول المتعلقة بنظام الحكم وبين التطبيق، لقد تمكنت زعامة بطون قريش والأكثرية الساحقة بفضل عمر بن الخطاب من تكوين حكومة ظل تنتظر موت النبي بفارغ الصبر لتنقض على السلطة وتستولي على ملك النبوة، ولم تر زعامة بطون قريش بأسا من أن يتولى الخلافة بعد موت النبي عمر بن الخطاب أو غيره من المهاجرين، الذين لعبوا دورا مميزا بتسهيل مهمة زعامة بطون قريش والأكثرية التي تؤيدها على اعتبار أن الجميع فريق واحد، وأن من الأنسب أن يتناوب أصهار الرسول على الرئاسة خلال فترة انتقالية، ثم تعود رئاسة الأمة الجديدة، لزعامة بطون قريش الجاهلية المتسترة بثوب الإسلام وهكذا كان.