بنت الدولة ورعت الدعوة، وتحملت أعباء مرحلتي التأسيس والمواجهة.
2 - من زعامة بطون قريش وجيشها ورعاياها الذين عادوا الله ورسوله بالأمس ثم استسلموا وتلفظوا بالشهادتين فصاروا أعضاء في المجتمع الإسلامي الجديد. فصارت الأكثرية المشركة بالأمس هي الأكثرية المسلمة في المجتمع الجديد!!!
وأخفت زعامة تلك الأكثرية مشاعرها بالإحباط والهزيمة، وحقدها على الذين قتلوا أبناءها، وتاريخا طويلا من الصراع المرير، وحاولت العيش في ظل هذه العقيدة الجديدة!! والتربص وانتظار الفرص!!! وما تأتي به الأيام!!!
أما الفئة القليلة المؤمنة، التي بنت الدولة وقادت الدعوة وتحملت أعباء المواجهة، فقد صارت أقلية في المجتمع الإسلامي الجديد!! فأبو سفيان قائد جبهة الشرك، وأحد أئمة الكفر سابقا صار مسلما، وعمار بن ياسر مسلم أيضا!!!! وبوقت يطول أو يقصر ستختفي الفوارق بين الاثنين، وسترجح كفة أبي سفيان على كفة عمار، لأن الأكثرية تعتقد أن أبا سفيان أولى بالتقدم والاحترام من عمار وأمثاله!!!
فعمر بن الخطاب من المهاجرين، ونال شرف مصاهرة النبي، وأصبح الخليفة الثاني في ما بعد، ومع هذا كان يقول عن معاوية: (إنه فتى قريش وابن سيدها) (1)!!! لقد نسي الخليفة أو تناسى التاريخ الأسود لمعاوية ولأبيه، ومع أنه كان خليفة للمسلمين إلا أنه كان ينظر لمعاوية ولأبيه بالنظرة نفسها التي كان ينظرها إليهم في الجاهلية وهو يرعى الغنم، فأبو سفيان في الجاهلية كان سيده وسيد قريش وابن السيد سيدا مثله، لقد انتقلت الثقافة الجاهلية مع زعامة البطون ومع الأكثرية التي استسلمت باستسلام الزعامة، وتلفظت بالشهادتين تبعا لتلفظ زعامتها!!