التمسك بالخير، والتخلي عن ارتكاب الشر، و " النجاة " طور من الوجود يختلف عن أطوار الحياة الدنيا الفانية. وهي الفوز بالسرور الخالد الذي لا يشوبه ألم ولا حزن ولا هم، ولا تكون للأرواح الناجية مطامع خاصة ولا أهداف تستميلها، والشخص الناجي ليس بذي جسم مادي، وليس بطويل ولا قصير، ولا لون له، يحيط بكل شئ، مطلق من جميع القيود، يكون دائما في سرور وطمأنينة واستقرار ونعيم مقيم، مكانه فوق الخلاء الكوني، وليس للنجاة نهاية فهي أبدية سرمدية. ولا تحصل النجاة إلا بعد عبور المرحلة البشرية بما فيها من عوائق ومتاعب. ولا نجاة بالمعنى الحقيقي إلا للبشر كما قال مهاويرا في وصفه للحياة والنجاة (1)، ولا توصف النجاة بوصف نعلمه، ولا بحال نتعقله.
والسبيل إلى " النجاة " شاق عسير كما قلنا من قبل، ولا يطمع فيها إلا الخاصة من الرهبان. وللوصول للنجاة يتحتم على الناسك ألا يوقع أذى بإنسان أو حيوان، وعليه أن يدرك أن احترام الحياة أقدس ما عني به مهاويرا، وعلى هذا يحرم عليه قتل الحيوان وبالتالي أكل اللحوم، ولعل لهذا صلة بصوم المسيحيين عما فيه روح، فأغلب الظن أن صوم المسيحيين على هذا الوجه انحدر لهم من الفكر الجيني، ويبالغ الرهبان في الحيطة والحفاظ على ما فيه روح، فيمسك بعضهم بمكنسة ينظف بها طريقه أو مجلسه خشية أن يطأ حشرة فيها روح فيؤذيها أو يقتلها، ويضع بعضهم غشاء على وجهه يتنفس خلاله حتى لا يستنشق أي كائن حي وهو يلتقط أنفاسه.
ولا بد للنجاة كذلك من قهر جميع المشاعر والعواطف والحاجات، ومؤدى هذا ألا يحس الراهب بحب أو كره، ولا بسرور أو حزن،