من أن تتطلب منه أن يفكر، فالعلاقة بين الفيلسوف وبين العالم ليست إلا علاقة سحر وافتنان.
وليس للفرد أهمية تذكر في الهندوسية، ويكاد يكون مهتملا لأنه ليس إلا عضوا في جماعة هي بدورها عضو في جماعة أكبر، وكل العناية تتجه للجماعة لا لأفرادها، ثم إن أهداف الهندوسية الرئيسية هي الحالة العامة (The Situation) وليس للأفراد ولا حتى للجماعات أية قيمة إلا في ضوء الحفاظ على الحالة العامة.
والهندوسية دين غموض وخفاء، والصدق أهم معالم الهندوسية على اختلاف شعبها، والزهد والحرمان طريق الهندوسية المفتوح للجميع كوسيلة للنقاء، والهندوسية دين الحكمة، ومن أجل الحكمة في الهندوسية تأثر الإغريق بها عندما ذهبوا إلى الهند واتصلوا بثقافاتها. وتستطيع الحكمة في الهندوسية أن تمد ثقافة العصر الحديث بعناصر نافعة خيرة، ويرى بعض الباحثين أن اتصال الهندوسية بالحكمة أكثر من اتصالها بالروح.
وقد مرت على الهندوسية آلاف السنين، ولا تزال محتفظة بتعاليمها، ولم يستطع إصلاح داخلي أن يغير من جوهرها، ولا سمحت بإصلاح من الخارج ليقتحم عليها رقعتها، فإذا هبت حركة إصلاحية داخلية كالبوذية، أو جاءت من الخارج حركة إصلاحية كالإسلام، كان تأثير الهندوسية في حركة المقاومة أكثر من تأثرها بها. على أن الهندوسية ستضطر لتنحني أمام الأفكار التي تقاوم اتجاهاتها الآن، فلم يعد مستقبل أية أمة من الأمم في يدها وحدها، ولعل نظام الطبقات سيكون أسرع نظم الهندوسية إلى الزوال (1).