الله في التفكير الهندوسي - أن شرحنا كيف انبثق الكون عن الله، ثم - شرحنا - عند الكلام عن مبدأ الانطلاق - كيف يمكن أن يعود الإنسان إلى الاتحاد بالله، وفي الويدا مزيد لإيضاح الصلة بين الكون وبرهما مما أدى إلى اعتقادهم بوحدة الوجود، ولنقتبس من فلسفة الهند الخطوات التي قادت إلى هذا التفكير. فقد كان الناس يؤمنون بأن في العالم قوة عظمة يلزم التقرب لها بالعبادة والقرابين. وكانت هذه القوة تسمى " براهما " وفي مرحلة تالية لم تعد القرابين المادية ضرورية بل حل محلها مراقبات على ظواهر كونية تخيلها الناس ضحايا وذلك كالشمس والنار والهواء، وفي مرحلة ثالثة راقب الإنسان نفسه وتصورها قربانا يوصل إلى برهما، وفي مرحلة رابعة تجردت المراقبات عن تصور القرابين، بل صار الناس يراقبون أنفسهم على أنهم القوة الكامنة العالمية المؤثرة، ثم وصلوا من التمثل إلى العينية، وأذعنوا أن النفس الشخصية هي عين القوة الحيوية العالمية أو البرهما، فصار المفتكر والموضوع الخارجي شيئا واحدا (1).
وقد صور أستاذ هندي متخصص هذا الموضوع في مقال طويل نقتبس منه بعض الفقرات:
خلقت الحياة هذه من الروح (Atma)، فالإنسان ليس جسمه أو حواسه، لأن هذه ليست إلا مركبة، وهي تتغير وتموت وتبلى، بل الإنسان هو الروح وهي سرمدية أزلية أبدية مستمرة غير مخلوقة.
وذكرت شروح الويدا أن الإنسان من حيث روحه جاء على فطرة الله (Brahaman)، وكما أن شرارة النار نار فإن الإنسان من نوع الإله، وروحه لا يختلف عن الروح الأكبر إلا كما تختلف البذرة عن الشجرة، وعندما تجرد الروح من الظواهر المادية تبدأ رحلتها للعودة إلى الروح