اختلاطا حرا، ثم استمر هذا التقسيم الطبقي أمد التاريخ كله، وهذا أمر من شأنه أن يجعل سكان الهند شيئا يخالف المجتمعات الأوربية والمغولية، البسيطة السهلة التزاوج، فهو في الحقيقة مجتمع مجتمعات.
ويشير Weech إلى نقطة مهمة هي أن نظام الطبقات بدأ يظهر عندما بدأ اختلاط سمح بتكون مجتمع موحد من هذه العناصر المتباينة، أما قبل هذا الاختلاط فلم تكن هناك ضرورة لتكوين هذا النظام، فنظام الطبقات كان وسيلة للمحافظة على سلامة العرق السامي بعد أن خيف عليه من الاندماج في الأجناس الأخرى التي بدأ يتصل بها. ويؤكد Berry ذلك إذ يقرر أن نظام الطبقات لم يظهر إلا في قوانين منو حوالي القرن الثالث قبل الميلاد (1).
ويذكر Weech كذلك أن هذه الطبقات الأربعة ليست في الحقيقة إلا تبسيطا للحديث عن نظام الطبقات في الهند، إذ أن الهنود مجتمع تنتشر فيه الطبقات حتى أن عدد طبقاته الآن يبلغ حوالي ثلاثة آلاف طبقة (2).
ويذكر Berry أن طبقة الكهنة حافظت طويلا على نقائها، أما الطبقات الثلاثة الأخرى فقد تفتتت ونشأ عنها طبقات كثيرة (3).
بقي أن نقول عن المنبوذين إنهم لم يدخلوا التقسيم، ولم يكونوا إحدى طبقات المجتمع الهندوسي، إذا لم يعدوا منه، وقد سبقت الإشارة إلى هذا.
على أن الفلسفة الهندية لم تقنع بالجنس والعنصر سببا لنشأة نظام الطبقات، بل رأت أن تربطه بنص مقدس، فورد في قوانين " منو " التي اقتبسنا منها بعض فقراتها آنفا سبب هذه الطبقات، يقول منو وهو يعدد خلق برهما للكائنات:
"....... ثم خلق البرهمى من فمه، والكاشتريا من ذراعه،