فجسد الإنسان المادي هو الذي يولد من جسدي الوالدين، وأما الذي يحركه وينشطه ويسيطر عليه فجسد لطيف يتركب من القوى الأساسية والحواس والقوى الآلية المحركة، والعناصر اللطيفة، والعقل. فإذا حدث ما نسميه الموت، مات الجسد المادي وتوقف وبلى، أما الجسد اللطيف فلا يموت بل يخرج ويعمل مدة من الزمن في آفاق الكون اللطيفة التي تشبه حالة أحلامنا، فيجرب هناك الجنة والنار التي تكلمت عنها الكتب الدينية، ثم يعود - مسوقا بالميول والأعمال الماضية - كرة أخرى إلى هذه الحياة متقمصا جسدا جديدا، وتبدأ بذلك دورة جديدة لهذه الروح، وتكون هذه الدورة نتيجة للدورة الماضية، فتوجد الروح في إنسان أو حيوان أو ثعبان، ويسعد أو يشقى نتيجة لما قدم من عمل في حياته السابقة (1).
ومن الشروط اللازمة لتجوال الروح، أن الروح في عالمها الجديد لا تذكر شيئا عن عالمها السابق، فكل دورة منقطعة تماما بالنسبة للروح عن سواها من الدورات (2).
وهنا نجد الديانة الهندوسية تلتقي مع الأديان السماوية في جانب، ولكنها سرعان ما تبتعد عنها، فنقطة الالتقاء هي خلود الروح وحسابها على ما قدمت، ولكن الأديان السماوية ترى الروح كائنا مستقلا بجسم، فهو يحاسب على ما ارتكب مع هذا الجسم، ويتم الحساب بعد أن يعترف الإنسان بأخطائه ويذكره بها لسانه الذي نطق، ويده التي امتدت، ورجله التي سارت " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " (3)، أما في الهندوسية فهناك انقطاع تام بين الدورتين، ومعنى هذا أن الروح تعاقب على ذنب لا تعرفه ولا تذكره.