القاسية، وفكرت فيه أديان الهند على أنه جثة عفنة سريعة العطب والفناء، وكان من الممكن أن تعتبره الهيكل الذي تعيش به الروح المقدسة.
والباحثون الغربيون (1) يمتدحون في البوذية أنها حررت الإنسان من الكهنوت والعقائد ووكلتهم إلى ضمائرهم، فأطلقتهم من عقال التقاليد وشجعتهم على أن يقودوا أنفسهم دون اعتماد على قوى أخرى أو انقياد لما فوق الطبيعة.
وإننا لنتساءل إلى أي مدى استطاع البوذيون أن يقودوا أنفسهم وأن يستغنوا عن الرائد والمعبود، لقد نقلوا بوذا من معلم إلى رائد ثم إلى إله.
ويوضح Wells الفرق الكبير بين ما كانت عليه البوذية أو بين الفكرة التي دعا لها جوتاما و بين ما آلت إليه البوذية بقوله (2):
والتبت اليوم قطر بوذي، ومع ذلك فلو أن جوتاما بعث من قبره حيا لذهب من أقصى التبت إلى أقصاها باحثا عن تعاليمه بلا جدوى، وسيجد هناك ذلك الطراز العتيق من حكام البشر، وهو الملك الرب متوجا وممثلا في شخص الدالاي لاما (Dalai Lama) الذي هو البوذا الحي، وسيجد في لهاسا (Lhasa) معبدا فخما غاصا بالكهنة والرهبان واللامات، وهو (أي جوتاما) الذي لم تكن مبانيه إلا الخصاص، والذي لم يكن له أي كهنة، وإنه ليشهد فوق هيكل مرتفع صنما ذهبيا ضخما يحمل اسم (جوتاما بوذا) وإنه ليسمع صلوات ترتل أمام ذلك الرب، وتلعب الأجراس والبخور دورها في هذه المراسم المدهشة..
ويدرك العلامة الأستاذ العقاد تحمس الباحثين الغربيين للبوذية فيذكر علته ويفنده بقوله (3).