الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦١٠
تجاهدون الجهاد نفسه الذي رأيتموني أجاهده (30) والآن تسمعون أني أجاهده.
[الحفاظ على الوحدة في التواضع] [2] 1 فإذا كان عندكم شأن للمناشدة بالمسيح ولما في المحبة من تشجيع، والمشاركة في الروح (1) والحنان والرأفة، 2 فأتموا فرحي بأن تكونوا على رأي واحد (2) ومحبة واحدة وقلب واحد وفكر واحد. 3 لا تفعلوا شيئا بدافع المنافسة أو العجب، بل على كل منكم أن يتواضع ويعد غيره أفضل منه، 4 ولا ينظرن أحد إلى ما له، بل إلى ما لغيره. 5 فليكن فيما بينكم الشعور الذي هو أيضا في المسيح يسوع (3).
6 فمع أنه في صورة الله (4) لم يعد مساواته لله غنيمة (5) 7 بل تجرد من ذاته (6) متخذا صورة العبد وصار على مثال البشر (7) وظهر في هيئة إنسان 8 فوضع نفسه (8) وأطاع حتى الموت موت الصليب.

(٣٠) طورد بولس والقي في السجن عند زيارته الأولى لفيلبي (رسل ١٦ / ١٩ - ٤٠ و ١ تس ٢ / ٢). ثم لم تخل حياته من الاضطهادات والمصاعب (راجع ٢ قور ١١ / ٢٤ - ١٢ / ١٠). وكذلك أهل فيلبي، ففي تألمهم في سبيل المسيح يشاركونه في كفاحه (١ / ٧ و ٢٧ وراجع قول ١ / ٢٩ و ٢ / ١ و ٤ / ١٢).
(١) إن قارنا هذا النص ب‍ ٢ قور ١٣ / ١٣، وجدنا في مطلع هذه الآية تلميحا إلى الابن، والآب (وإليه كثيرا ما تنسب المحبة)، والروح.
(٢) يعرف بولس بخبرته ما أيسر أن تنشأ المخاصمات والمنازعات في الجماعات. ولقد شعر بعلامات لها في فيلبي (١ / ٢٧ و ٢ / ١٤ و ٤ / ٢) فحث مراسليه على الوحدة والوفاق. وهذا النوع من الارشاد، وهو كثير عند بولس (راجع روم ١٢ / ١٦ و ١٥ / ٥ و ٢ قور ١٣ / ١١)، لا يناقض ذلك الفرح الواثق الذي يسود الرسالة كلها. ولا تتم الوحدة إلا بحياة تواضع وزهد وخدمة كان المسيح قدوة لهم فيها.
(3) إن مشاعر المسيح التي يستند إليها بولس لا تزال حاضرة فعالة. والآيات 6 - 11 تختلف، بإنشائها ومضمونها، عن الفقرة التي ترتبط بها هذه الآيات، حتى رأى المفسرون فيها نشيدا مسيحيا قديما جدا لربما حوره بولس واستشهد به. في النشيد تعارض بين تواضع المسيح (الآيات 6 - 8) ورفعه من قبل الله (الآيات 9 - 11).
(4) تعبر كلمة " صورة " هنا وفي الآية 7 عن أكثر من مظهر، بل إنها الصورة الظاهرة التي تكشف الكيان الصميم، أو " صورة " الله، أي كيان الله نفسه في المسيح، إشارة إلى تك 1 / 27 و 5 / 1.
(5) هناك تفسيران يتجابهان. يعتقد بعض المفسرين بأن صورة الله هي حالة المسيح قبل تجسده، وهذا التجسد هو الصورة الأولى لتواضع المسيح. وفي هذه الحال، فمن شأن " الغنيمة " (المساواة لله) أن يحافظ عليها ويدافع عنها، لا أن يستولى عليها. لكن الكلمة اليونانية المترجمة بغنيمة تعني بالأحرى غنيمة يسعى إلى امتلاكها. وفي هذه الحال، يتجلى انعكاس كيان الله (" صورة الله ") في تصرف المسيح على الأرض، فيكون في ذلك تلميح إلى آدم الذي حاول أن يكون مساويا لله (تك 3 / 5 و 22): فالمسيح اختار على هذه الأرض التواضع والطاعة بدل الكبرياء والعصيان. وهذا التضاد بين آدم والمسيح، المرسوم هنا في خطوطه الأولى، سيعود إليه بولس في نظريات أوسع (روم 5 / 14 و 1 قور 15 / 45 - 47).
(6) الترجمة اللفظية: " افرغ نفسه " (راجع 1 قور 9 / 15 و 2 قور 9 / 3). لكن هذا " الإفراغ " أو الملاشاة لا يفترض أن يسوع لم يعد مساويا لله أو لم يعد صورة الله: ففي تواضعه نفسه يكشف لنا كيان الله ومحبته. والأفعال الخمسة التالية تصف هذا التواضع. اتخذ المسيح صورة العبد، وبولس فكر، ولا شك، في عبد الرب الوارد ذكره في اش 52 / 13 - 53 / 12. يرى بعض المفسرين في فعل " تجرد " ترجمة ل‍ اش 53 / 12 ب العبري (" أسلم نفسه للموت ")، وهي ترجمة أدق من الترجمة السبعينية.
(7) على مثال " البشر " في صيغة الجمع، لأن المسيح تمثل بالبشرية جمعاء.
(8) إذا كان التجسد مظهرا أولا من مظاهر " التجرد من الذات "، فإليك المظهر الآخر. على مثال العبد الوارد ذكره في اش 53، اختار المسيح التواضع طاعة لمشيئة أبيه (روم 5 / 19 و 6 / 16 - 18)، ولقد أطاع حتى مات " موت الصليب " الذي يفرض على المجرمين (عب 12 / 2). هذا هو " عثار " الصليب، وهو أحد أهم مواضيع تبشير بولس (1 قور 1 / 18 - 25 و 2 / 1 - 2 وغل 6 / 14).
(٦١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة