الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ٦٢١
[مغزى الرسالة] إذا تشعبت الآراء على هذا النحو في تاريخ الرسالة أو نسبتها، فإنها تأتلف للاعتراف بأن الرسالة إلى أهل قولسي توافق موافقة جوهرية البلاغ الذي عبر عنه بولس في أحوال أخرى، وهو إننا ندرك الكمال في المسيح. إنه كل شئ من أجل برنا (غلاطية ورومة) وكل شئ من أجل مصيرنا وموتنا وحياتنا (قولسي). فحذار العودة إلى الشريعة، لأنها عودة إلى العبودية السابقة (غلاطية). حذار إضافة عبادة لأصحاب القوة، إلى جانب سيادة المسيح أو فوقها أو تحتها: ففي ذلك عودة إلى العبودية. إن النشيد للحرية المسيحية نفسه يرتفع، واللجوء نفسه إلى المعمودية واجب وجوب الحدث الذي لا رجعة فيه والذي انتشلنا من كل بر آخر (غل وروم) ومن كل سلطة غير بر المسيح وسلطته (قول). وإذا كان يبدو أنه ينتقل من تعبير يؤثر فيه الزمان وانتظار مجئ المسيح، إلى تعبير يسوده المكان وارتفاع المسيح رأسا للكون، فإن ذلك الانتقال هو في سبيل البلاغ نفسه، وهو أن المسيح مات وقام مرة واحدة وأننا متحدون به مرة واحدة. إن حياتنا، وقد ارتبطت بحياته، تعسكر ظافرة في " الأماكن السماوية "، حيث تضطرب القوى التي قد تهدد تحررها. وليس المراد من ذلك تحريضا على الهرب، بل السير بنا إلى حياة صحيحة كما يظهر من آخر الرسالة.
ما من شئ يبدو، لأول وهلة، أبعد منا من تلك التلميحات إلى أصحاب سلطة يزعم أنها تسكن عالم ما فوق الأرض، من ملائكة وقوات بيدها سير الكواكب ومصير الناس. وما من شئ أغرب من أحكام الطعام أو الطقوس التي تسول لمسيحيي قولسي أنفسهم العمل بها. ولكن حسب القارئ أن يستمع إلى تلك الأسئلة ويدع جواب الرسول ينفذ إليه، حتى يدرك ما كان لهذه الرسالة من صدى. إن أصحاب السلطة قد تبدلوا ومحاولاتنا لاستمالاتهم أو الإفلات منهم ليست هي نفسها، ومع ذلك فإن أهل قولسي إخوتنا. فابن القرن العشرين، لا بل مسيحي القرن العشرين، يشعر بمثل مشقتهم بأن يرى نفسه مسؤولا. إنه يشعر بأنه ألعوبة القوى التي تجر الأرض في تطور لا رجعة فيه. لا يكون الخلاص بعد اليوم في طاعة شخصية لشريعة أو لخلق كثيرا ما ينكر، بل في الإفلات من قبضة اغتراب ينذر بالهلاك. إلينا أيضا يلقى السؤال عن الصلة القائمة بين المسيح والكون: أي صلة تكون بين ما نستشفه من الكون والإنجيل الذي يبشر به ويتقبل؟
(٦٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة