1) في المرحلة الأولى من مراحل ظهور يسوع ثلاثة مشاهد توضح ما بينه وبين تلاميذه من تشارك، وهي دعوة الأربعة إلى صيد الناس (1 / 16 - 20) واختيار الاثني عشر للعيش معه وللرسالة (3 / 13 - 19) والرسالة هذه بعينها (6 / 7 - 13). وهذه الروايات الثلاث مصحوبة بنظرات إجمالية على نشاط يسوع أو على ردود الفعل التي كان يثيرها (1 / 14 - 15 و 3 / 7 - 12 و 6 / 14 - 16)، كما لو كان في الراوي حاجة إلى معرفة طريقه قبل أن يواصل سيره.
في القسم الأول (1 / 16 - 3 / 6) يبقى التلاميذ بلا عمل إلى جانب يسوع، ولكن يسوع يبدو متضامنا معهم تجاه الانتقادات التي يثيرها موقفهم من العمل بسنة اليهود (2 / 13 - 28). وفي القسم الثاني (3 / 7 - 6 / 6) يظهر لنا اختلافهم عن خصوم يسوع وعن قرابته الجسدية (3 / 20 - 35) ويميزهم من الجمع لأنهم ينالون تعليما خاصا (4 / 10 - 25 و 33 - 34) ويحظون بمشاهدة معجزات مدهشة (4 / 35 - 5 / 43). وقطع العلاقات مع الناصرة يمهد للقسم الثالث (6 / 7 - 8 / 30) وفيه يبدو الاثنا عشر، وقد أرسلوا للتبشير، ليكونوا " رسلا " (6 / 30) مكلفين بتغذية الجمع (6 / 34 - 44 و 8 / 6). وفي أثناء ذلك يكشف للتلاميذ أسرار تفوق إدراكهم (6 / 45 - 52 و 7 / 17 - 23) فتزداد غلاظة فهمهم (6 / 52 و 7 / 18 و 8 / 14 - 21) بعد ما وبخوا توبيخا عنيفا عند التعليم بالأمثال (14 / 13)، ولشفاء أعمى في خاتمة هذا القسم (8 / 22 - 26) قيمة مثالية في الكلام عليهم.
2) وبعد اعتراف بطرس بالمشيح، لقي كل من النبوءات الثلاث عن الآلام والقيامة عدم تفهم التلاميذ لها وأدى كل مرة إلى إعلان شديد اللهجة على حالة الإنسان بمفرده (8 / 34 - 38) أو في الجماعة (9 / 33 - 50 و 10 / 35 - 34) وعلى ما يطلب من الذين يتبعون يسوع وهم يحملون صليبهم.
وإذا اتفق أن يظهر في بعض المشاهد الجمع وأناس آخرون غير التلاميذ، فإن يسوع يوجه كلامه إلى تلاميذه بوجه خاص أو يفسر لهم، عندما ينفرد بهم، ما يطلبه منهم (9 / 28 - 29 و 10 / 10 - 16 و 10 / 23 - 31).
وهناك انتقال متواصل من المعلم إلى التلميذ، وانتقال لكل واحد من التواضع الاختياري إلى المجد الموعود به. ويريد يسوع إشراكهم في مصيره ولكنهم يبقون هم بلا فهم. وهذا القسم أيضا يختم بشفاء أعمى أخذ يتبع يسوع (10 / 46 - 52).
وأما القسمان التاليان (الفصول 11 إلى 13 و 14 إلى 16) فإننا نرى فيهما يسوع مع الجمع ومع خصومه ومع قضاته. والأحاديث فيهما مع التلاميذ كثيرة مهمة. فإن يسوع يطلعهم على قدرة الإيمان والصلاة (11 / 20 - 25) وينبههم كيف يسيرون استعدادا لمجئ ابن الإنسان (13 / 1 - 37) ويشرح لهم معنى موته في انتظار ملكوت الله (14 / 22 - 25) وينبئهم بارتدادهم (14 / 26 - 31) ويحذرهم من التجربة (14 / 37 - 40). ولكن هربهم في جتسماني وإنكار بطرس ثلاث مرات يدلان على فشلهم في اتباع يسوع. ومع ذلك لم ينته كل شئ، فإن يسوع بعد قيامته يتقدمهم إلى الجليل (14 / 28 و 16 / 7).
لا شك أن التشديد على بطئهم في الإيمان وعدم فهمهم المتواصل وتقصيرهم في الساعة التي يتم فيها ظهور المسيح ابن الله تعود كلها إلى مقصد أعمل فيه الفكر. هذا وأن دورهم المعترف به وما يعترف به لهم من عمل في متابعة إعلان البشارة يحول دون القول أن هناك حملة على التلاميذ الأولين.