الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١٢١
بكل معنى الكلمة، وهي مأساة ظهور المسيح ابن الله، في مرحلتين مختلفتين:
- 1) اعترف كثير من الناس بتعليم يسوع وبأعماله لمحاربة قوى الشر (1 / 21 - 45 و 3 / 7 - 10). أما إن يسوع هو ابن الله فلا بد من أن يبقى هذا الأمر سرا (1 / 25 و 3 / 12). وتعلن معارضة حافظي شريعة موسى (2 - 3 / 6) وتظهر يسوع في مظهر أداة في يدي رئيس الشياطين (3 / 22 - 30). ولكن التلاميذ يتميزون تميزا واضحا من الجمع (4 / 10 و 33 - 34). فالسؤال " ما هذا " (1 / 27) الذي على شفاه جميع الناس يحل محله عند التلاميذ هذا السؤال الآخر " فمن هو إذا " (4 / 41). وهناك أجوبة مختلفة (6 / 14 - 16 و 8 / 27 - 28). ومع أنه أغلق على التلاميذ فهم رسالة يسوع إغلاقا تاما (6 / 52 و 8 / 14 - 21)، فقد توصلوا إلى الاعتراف بلسان بطرس بأن يسوع هو المسيح (8 / 29)، ولكنهم أمروا بالكتمان (8 / 30).
- 2) ومن هنا ابتدأ تعليم جديد وهو أن ابن الإنسان لا بد له من أن يجتاز الألم والموت والقيامة. وهذا التعليم الذي يكرر ثلاث مرات (8 / 31 - 33 و 9 / 30 - 32 و 10 / 32 - 34) يسير بالقارئ حتى مجابهة يسوع لخصومه في أورشليم (الفصول 11 و 12 و 13) وعندئذ تبلغ المأساة خاتمتها وينكشف سر يسوع في أثناء آلامه (الفصلان 14 و 15). فإن إعلان يسوع أمام المجلس الذي يحكم عليه بالموت (14 / 61 - 62) والكلام الذي يفوه به قائد المائة عند موته (15 / 39) يلتقيان وما أوحاه الله عند المعمودية والتجلي (1 / 11 و 9 / 7)، ويؤيدان عنوان الكتاب، وهو أن يسوع هو المسيح ابن الله. وفي أثناء ذلك كمت أفواه الشياطين عن الكشف الخبيث للأسرار (1 / 24 و 34 و 3 / 11) وأسكت التلاميذ عن إعلان إيمانهم بالمشيح (8 / 29)، ولا يمكن جلاء معنى تلك الأقوال قبل آلام المسيح وموته.
ورواية الآلام هي ذروة الكتاب. فقد مهدت لنا الطريق للمنازعات في أورشليم والاعلان الثلاثي الذي تبع إعلان بطرس لإيمانه والتشاور بين الفريسيين والهيرودسيين في إهلاك يسوع (3 / 6)، ثم أجابت عن السؤال الوارد منذ أول عمل علني ليسوع بحسب إنجيل مرقس (1 / 27) وأوضحت أسباب ما في الكتاب من التشديد على ما قيل له سر المشيح. ولا شك أن هذا الإلحاح يعود إلى أن يسوع لم يعترف به في حياته في الدنيا كما اعترف به بعد الفصح. ولما كان السر يتناول الصفات التي يتم بها التعبير عن الإيمان المسيحي (1 / 1 و 3 / 11 و 8 / 29)، فيبدو أن مرقس يريد الدلالة على أنها سابقة لأوانها وأنها تبقى ملتبسة على اليهود والوثنيين ما لم يعترف بحقيقتها في تواضع المصلوب.
3) يسوع والتلاميذ: في " بدء " إنجيل مرقس، لا يظهر يسوع وحده، بل مع التلاميذ وعن يدهم يجب أن يواصل العمل الذي شرع فيه. فقد روى مرقس دعوة يسوع أربعة صيادين إلى اتباعه، منذ أول نشاطه في الجليل، من غير أن يهتم الكاتب على الإطلاق هل كان ذلك الأمر محتملا من جهة التاريخ أو الاستعداد النفسي (1 / 16 - 20). وكان المعلم دائما أبدا مصحوبا ببعض التلاميذ، إلا عندما يرسلهم إلى التبشير (6 / 7 - 30) ولا يبقى وحده إلا في الآلام بعد هربهم. ولا ينتهي الكتاب دون أن يشار مرتين إلى تجمعهم ثانية في الجليل حول المسيح الذي قام من بين الأموات (14 / 28 و 16 / 7). وأن المنزلة التي يخصونه بها في سياق الرواية تمكن من فصل هذه الرواية إلى عدة أقسام.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة