الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١٥
ولا يقتصر الأمر على هذه الفصائل الكبرى للكتب المخطوطة فهناك صيغ وسط بين هذه الأمثلة المذكورة، ولا حاجة بنا إلى تفصيل ذلك. حسبنا أن نشير إلى الفائدة المتوقعة من تحديد هذه الأمثلة للنص ومعرفة زمانها ومكانها، بالاستناد إلى ما نعرفه من التاريخ والجغرافيا لدى مراجعة الترجمات والشواهد وعلم الكتابات والخطوط القديمة عندما يقتضي الأمر ذلك. وهكذا يمكن، لدى البحث في كل قراءة أو سفر أو العهد الجديد كله، معرفة الصيغ الأكثر قدما والأكثر ورودا والتي يقدر أن تكون الأقرب إلى الأصل الأول.
وهذا النقد الأول الذي يقال له النقد الخارجي غير كاف، فكثيرا ما يؤول هذا النقد إلى الوقوف على فقرة لها في القرن الثاني أو الثالث روايتان انتشرتا قليلا أو كثيرا، ومن العسير اختيار إحداهما. فلا بد من اللجوء إلى النقد الباطني.
فهو ينظر إلى القراءات نظره إلى أنها تبرز أمثلة مختلفة لنص العهد الجديد، بل ينظر إلى كل رواية وحدها ويفحصها في حد ذاتها، لأنها تدخل لا داعية له قام به الناسخ عن قصد أو غير قصد.
وهدف أصحاب النقد الباطني أن يوضحوا بجلاء نوع التدخل الذي قام به الناسخ والأسباب التي دعته إلى ذلك التدخل. فيسهل بعد ذلك الارتقاء إلى القراءة القديمة التي تفرعت منها سائر الروايات ولا يحسن استعمال النقد الباطني وحده، لأنه مرهون برأي الناقد. ولذلك جرت العادة ألا يستعمل النقد الباطني إلا وسيلة متممة للنقد الخارجي. ومهما يكن من أمر، فإن النتائج التي حصل عليها علماء نقد النصوص منذ 150 سنة جديرة بالإعجاب. وبوسعنا اليوم أن نعد نص العهد الجديد نصا مثبتا إثباتا حسنا، وما من داع إلى إعادة النظر فيه إلا إذا عثر على وثائق جديدة.
أن هذه النتائج مكنت من التقدم الكبير الذي يراه المرء إذا قارن بين الطبعات الحديثة للعهد الجديد من جهة والطبعات التي ظهرت منذ 1520 إلى نحو سنة 1850، قبل العمل المحكم بقواعد علم نقد النصوص.
الطبعة الأكثر انتشارا في أيامنا هي طبعة نستلي - ألاند، وقد اعتمدت النص العائد للطبعات العلمية العصرية الثلاث، قام بها في النصف الثاني للقرن التاسع عشر تيشندورف، ووسكوت - هورت، ووايس. إن العهد الجديد اليوناني الذي نشرته جمعيات الكتاب المقدس وحققه ك.
ألاند وم. بلاك وب. م. ميتزجر وا. ويكرين بذل الجهد فيه لإدخال زيادة من التحسين على ذلك النص.
[بيئة العهد الجديد] نشأت المسيحية في شعب عاش تاريخا مضطربا. فإن إسرائيل بعد جلائه الأليم إلى بابل، الذي بلغ أثره أعماق نفسه، عاد إلى فلسطين وأقام فيها ورتب أموره على قدر ما استطاع. ولكن اليهود تحققوا أن الأحوال قد تغيرت وأنه لا سبيل إلى العيش كما في الماضي. فإن فلسطين قد أمست أكثر مما
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة