الكتاب المقدس - مجمع الكنائس الشرقية - الصفحة ١١
[أسفار العهد الجديد المنحولة] إن الأسفار التي اعترف بأنها قانونية أصبحت بناء على ذلك نصوصا مقدسة وحصلت منذ دخولها في القانون بنوع من الحصانة ساعدت في وصولها إلى عهد الطباعة وهي في حالة حسنة.
ولم تحظ بمثل ذلك المؤلفات التي لم يكتب لها أن تدخل في القانون. فإذا حظي بعضها (كالديداكي أو رسالة برنابا) بتقدير جميع الكنائس فحفظ في حالة حسنة، مع أنه لم يدخل إلى القانون، فإن بعضها الآخر، الذي لم يتحل بتلك الصفات، نحي تنحية أشد عن الاستعمال الكنسي، فأصبح عرضة للضياع، الأمر الذي يبين لماذا لم يبق منه سوى آثار قليلة.
خصت بكلمة " منحولة " (خفية باليونانية) بعض المؤلفات التي كانت، على ما فيها من الشبه بنصوص العهد الجديد القانونية، تنقل في نظرهم آراء غريبة عن أفكار الكنيسة، وعلى العموم سرية، تعود إلى بيئة " متحزبة " كانت وحدها تستطيع التصرف بها للحصول منها على معرفة حقيقية، أي " عرفان ". وعدت بعد مدة مؤلفات منحولة تلك التي أبت الكنيسة أن تبني عليها عقيدتها وإيمانها، ولذلك لم تأذن بقراءتها في أثناء إقامة شعائر العبادة يوم الأحد. وقد أمر أن تبقى تلك الكتب مخفية في أثناء إقامة شعائر العبادة، وأن أوصي في بعض الأحوال بأن يطالعها الناس فردا فردا لحسن تأثيرها في النفس. جرت العادة أن تفهم هذه الكلمة بذلك المعنى قبل أن تستعمل، لما اكتمل القانون، للدلالة على المؤلفات المنحولة إلى الرسل، وقد اقترنت منذ ذلك الوقت كلمة " منحول " بمعنى الذم، فغدت المؤلفات المنحولة وسائل نقل للضلال.
والمؤلفات المنحولة إلى العهد الجديد، مهما يكن من قيمتها عامة، لا تزال مؤلفات ثمينة جدا لدرس تطور الآراء الدينية في القرنين الثاني والثالث.
ويمكن المرء، إذا لم يقصد الدقة في التعبير، أن يميز، ضمن الأدب المنحول، أربع فئات من المؤلفات تشابه مختلف أصناف الأسفار القانونية. فهناك أناجيل وأعمال رسل ورسائل ورؤى منحولة، ولن يذكر هنا سوى بعض تلك المؤلفات.
ولا نعرف أناجيل النصارى والعبرانيين والمصريين إلا مما استشهد به منها آباء الكنيسة، وهي، على قدر ما يسعنا أن نحكم في ما ورد منها، مؤلفات تمت بصلة قريبة إلى الأناجيل القانونية.
وإنجيل بطرس، الذي عثر على جزء منه في مصر في أواخر القرن الماضي، يحتوي على آثار غنوصية ظهرت على وجه تام في مؤلفات تحسنت معرفتنا لها منذ أن عثر قبل قليل في مصر أيضا على أسفار كإنجيل الحق وإنجيل فيلبس وإنجيل توما، علما بأن في الإنجيل هذا أمورا كثيرة مشتركة بينه والأناجيل الإزائية، غير أن تلك المؤلفات تختلف اختلافا واضحا عن الأناجيل القانونية، لأنها تكاد لا تحتوي رواية شئ من الأحداث. والمؤلف المعروف باسم إنجيل يعقوب يروي رواية مفصلة أناجيل الطفولة ويولي اهتماما خاصا بما جرى لمريم وبأحداث ميلاد يسوع.
وأما أعمال الرسل المنحولة فهي على العموم مؤلفات غايتها القدوة الحسنة للشعب المسيحي، تستوحي عن بعد ما ورد في سفر أعمال الرسل القانوني. وهي تتخير التوسع في جانب المعجزات من
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة