جعلوها بضلالهم آلهة مع الله فيما آتاهما من النعم والأموال والأولاد وغيرهما فقال جل شأنه بحسب كثرة المعنى المراد من الصالح والضمير المثنى اللذين هما عبارة عن صنفي الذكور والإناث " فتعالى الله عما يشركون " وليس في هذه الوجه من التفسير ما هو خلاف الظاهر البدوي إلا رجوع الضمير المثنى في " جعلا وآتاهما " التي بعدها على اسم الجنس الذي هو " صالحا " باعتبار اشتمالها على صنفين، وإلا كون السياق يوهم ابتداء كون المرجع لضميري " جعلا وآتاهما " هو النفس الواحدة مع زوجها.
وهذه المخالفة للظاهر البدوي هينة بالنسبة لتلك المحاذير التي نجدها على الوجه الأول من تنزيل الآيتين على ما يدعى من القصة كما ذكرناه فتكون تلك المحاذير قرينة واضحة على أن الظاهر هو ما ذكرنا معناه عن الإمام الرضا عليه السلام ويشهد لذلك أيضا تعقيبه بقوله تعالى: (أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون) حيث أوضح أن الشركاء في الآية هم جماعة من المخلوقين لا خصوص إبليس كما يدعى في الآية، بل يوضحه الالتفات بالتوبيخ إلى المقصود بالضمير في " جعلا وآتاهما " بقوله تعالى 193: (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم)، ويكشف عن قوله في سورة الأنعام 98 (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة)، إلى قوله تعالى 100 (وجعلوا لله شركاء الجن)، إلى قوله تعالى 102، (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ)، فإن التدبر في هذا كله يرشد بأوضح إرشاد إلى أن الموصوف بالشرك والعنف عليه إنما هم المخلوقون من النفس الواحدة وإن اختلف التعبير عنهم بالخطاب والغيبة والتثنية باعتبار صنفيهم، والجمع باعتبار كثرة المعنى، كل ذلك بحسب ما يقتضيه صوغ البلاغة للكلام.
ولو تنزلنا عن هذا كله فلا أقل من أن يكون احتمالا مساويا للوجه الأول فلا تبقى في الآية السابقة دلالة على نسبة الشرك لآدم.
هذا كله مع أن الرواية التي تشبث بها في تفسير الآية لقصة نسبة الشرك لآدم إنما هي رواية قتادة عن الحسن عن سمرة وأن سندها لمطعون فيه من وجوه أيسرها أن الحسن وقتادة لم يحتفلا بهذه الرواية ولم يفسرا الآية على مقتضاها كما