المقدمة التاسعة في بيان ما تثبت به الرسالة وتقوم به لله على الناس الحجة وبيان ما يلزم فيها وما لا يلزم يلزم فيها أن تكون مقتضية لتصديق المدعوين بالرسالة وإيمانهم بصدق مدعيها بحسب حالهم ووقتهم كافية في الاحتجاج عليهم قاطعة لمعاذيرهم.
ويلزم أيضا أن تكون معلومة عند الدعوة وطلب التصديق أما بأن تكون سابقة في الزمان ولكنها معلومة أو يمكن تحصيل العلم بها للمدعوين، كما لو نص الرسول السابق المسلم الرسالة عند المدعوين بالنص الصريح المشخص المعين على رسالة المدعي، وكان ذلك النص معلوما عند المدعوين أو يمكن لهم تحصيل العلم به عند الفحص بشرط أن لا يكون محتملا للاشتباه والاشتراك وإلا فلا حجة فيه، وإما أن تكون سابقة في الزمان على الدعوة مستمرة إلى حينها، كما لو كفت أحوال مدعي الرسالة أخلاقه الحميدة في الشهادة على صدقه في دعواه للمشاهد لها وغيره الذي يمكنه تحصيل العلم بها، وإما أن تحدث عند الدعوة وطلب التصديق حسب ما تقتضيه الحكمة بشرط أن تكون معلومة للمدعوين أو يمكنهم تحصيل العلم بها.
وإذا تبصرنا بهدى العقل وتصفحنا الكتب المنسوبة إلى الإلهام وجدناهما لا يسمحان بأن نتشهى ونقترح على الحجة المذكورة أن تكون علة تامة لتصديق كافة المدعوين وإيمانهم فعلا، لأن في الناس من المتعصبين من أوقعوا أنفسهم في أسر العصبية وعبوديتها ونبذوا عقولهم وراء ظهورهم فلا يتنفعون بها، ومن