بمقدار الكف أو أقل يطرحونه في السقاء غدوة فيشربونه عشيا ويطرحونه عشيا، فيشربونه غدوة، حينما يؤثر طعم التمر أو الزبيب في الماء حلاوة ما.
وقد تضافرت الأخبار الكثيرة بأن رسول الله " ص " كان ينهى عن نبيذ الدبا والمزفت والحنتمة بسبب أنه يصبر عليه حتى يبلغ حد الإسكار، ويرخص في نبيذ الأسقية وهو أن يطرح في السقاء كف ونحوه من التمر أو الزبيب فيشرب في يومه أو صبيحة ليلته حينما يطيب طعم الماء بحلاوة التمر أو الزبيب لأن أسقية البيوت لا تحتمل أن تشغل زمانا طويلا بالنبيذ، ولا تقوى على بقائه إلى أن يختمر ويتعفن ويبلغ حد الإسكار.
انظر إلى مسند أحمد وغيره من كتب الحديث، فعلى المتكلف في تشبثه بما ذكر من الحديثين أن صحافي الجامعة الإسلامية أن يعين دلالتهما على أن النبيذ المذكور فيهما كان من القسم المسكر المخمر لا الذي ذكرنا أنه يطرح فيه قليل من التمر أو الزبيب لمحض تطييب طعم الماء على عادة أهل الحجاز.
ونحن نقول: إن المتعين كون النبيذ فيهما من هذا القسم، لا القسم المسكر لوجوه:
أولها: إنه لو كانت في مكة مصانع للنبيذ المسكر كمصانع أوروبا لما وسعت كفاية الألوف العديدة من الحجيج في الأيام الكثيرة وهو يعطي مجانا لهم، وكيف يقوى العباس على ذلك؟
وثانيها: إن السقاية في مكة كانت لإرواء الحجيج من العطش لا أنها حانوت خمار.
وثالثها: إن هذه الواقعة إن كانت فإنما تكون بعد فتح مكة في أواخر أيام النبي " ص "، ومقتضى الأخبار التي يذكرها المتكلف " يه 1 ج ص 23 و 24 " أن الخمر حرمت في أوائل الهجرة.
وفي ما ذكره عن ابن مسعود أن رسول الله " ص " قال فيما شربه أنه ليس بحرام، مع أن حرمة النبيذ المسكر كانت حينئذ مقررة معلومة في الإسلام.