باعتراضه منزها لهارون والتوراة الحقيقية عن هذه النسب، بل يقول إن هذه الأقوال افتراء على هارون قدوس الله وعلى التوراة الحقيقية كتاب الله.
" وثانيا " إن قول التوراة الرائجة فلما نظر هارون بنى مذبحا أمامه ونادى غدا عيد الرب قد بتره المتكلف عند نقله لهذا المقام ليموه اعتذاره البارد بأن هارون طلب من بني إسرائيل أقراط الذهب ليصرفهم ويماطلهم في مطلوبهم إلى أن يأتي موسى.
أجل فلماذا فعل وصنع العجل الذي أرادوه إلها؟ أوليس اللازم على المؤمن فضلا عن النبي الرسول أن يبذل نفسه وما يعز عليه في المحاماة عن التوحيد، ولماذا لما سمعهم يقولون عنه هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر ورأى عكوفهم عليه على أنه إله بنى مذبحا أمامه ودعى للعيد.
وأن المتكلف هل يحصر العبادة بوضع خاص أو قول خاص، أوليس من الواضح أن أولاها وأظهرها القول والإعلام بأن هذا إله، ثم التطوع له وترتيب آثار الألوهية، وقد نسبت التوراة الرائجة كل هذا لهارون.
فيا أيها الذين لا يجوزون كذب النبي في التبليغ، ولا يجوزون على الله أن يرسل النبي الكاذب في تبليغه كيف جوزتم على النبي الرسول أن يصنع وثنا لمن يدعوه إلها ويدعو إلى الشرك بالله وعبادة الأوثان ويعين عليهما بفعله وجعلتم ما تضمن ذلك من الوحي والإلهام.
وليت شعري كيف يجتمع هذا الذي تذكره التوراة في شأن هارون مع ما ذكرته قبل ذلك من تكليم الله لموسى في شأن هارون أيضا وزيادة عنايته به في استخدامه زيادة على النبوة والرسالة بتوظيفه للكهنوت والرئاسة الدينية للتقديس وتكفير الخطايا وتعليم الشريعة وسدانة خيمة الاجتماع وزاد في العناية بالتفصيل الضافي لثياب كهنوته للمجد والبهاء وتلوينها وتزيينها وترصيعها وكان هذا التكليم المطنب على طور سينا في صعود موسى الذي تذكر التوراة أن هارون صنع في أثنائه العجل إلها لبني إسرائيل وعبده ودعا لعبادته حينما أبطأ موسى في النزول من الجبل " انظر إلى الثامن والعشرين من الخروج بتمامه ولاحظه مع " خر 24: 12 - 32: 9 ".