وحينئذ فدلالة العقل والنقل على عصمة النبي تكون قرينة على أن المراد من معصية آدم هي مخالفة النهي التنزيهي الكراهي أو النهي الإرشادي ومما يرشد إلى كون النهي لآدم إرشاديا قوله تعالى في سورة طه 115: (يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) 116 (إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى) 117 (وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى).
فإن التحذير والتخويف لآدم من عداوة إبليس بإخراجه من راحة الجنة ونعيمها إلى التعب والجوع والظمأ ومقاساة شقاء العيش ليرشد ويقرب إلى الذهن إن هذه هي العاقبة المحذورة من عداوة إبليس لآدم لإيقاعه في قبح مخالفة نهي الله التحريمي ووبال ذنب المعصية وغضب الله.
ولو كانت هذه الأمور الأخيرة هي العاقبة المحذورة لكان ذكرها أنسب بالتحذير وأدخل في الزجر عن المنهي عنه، وأتم في الحجة والبيان.
وقد يشهد له قوله تعالى في سورة البقرة 34: (فأزلهما الشيطان فأخرجهما مما كانا فيه) حيث لم يقل جل شأنه: فأزلهما الشيطان فأوقعهما في قبح المخالفة والذنب واستحقاق عقاب الله وغضبه.
ولو كان ذلك لازما لكان أولى بالذكر.
ومن هذا النحو من التحذير المذكور في القرآن ينكشف أن وصف آدم بالظلم والغواية في أكله من الشجرة إنما هو لاغتراره بقول إبليس وظلمه لنفسه بسبب إخراجها من نعيم الجنة إلى شقاء التعيش وعنائه، لا بسبب إيقاعها في عقاب التحريم وغضب المخالفة لله، فليس من الظلم القبيح الذي يمنع من نيل عهد الله كما تقدم في دلالة القرآن على العصمة.
وأما قوله تعالى حكاية عن آدم وحوا في سورة الأعراف 22: (ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)، فقد بينا وجه ظلمه نفسه، وأنه ليس من نحو ظلم النفس بإيقاعها في قبح الذنب ونكال العقاب.
وأما طلب المغفرة وحصول الخسران بعدمها فلا ينافي ما قدمنا ولا يلزم منه