الأمر الخامس: إن الأناجيل التي يدعي النصارى تواترها عن المصدر الإلهامي قد ذكرت عن المسيح احتجاجات واهية لا تليق بسائر الناس فضلا عن رسل الله ذوي الحجة الواضحة والبيان الشافي الكافي.
منها: ما أسلفناه في الفصل الخامس عشر من المقدمة الثامنة عن قول المسيح لما قال له الفريسيون: أنت تشهد لنفسك وشهادتك ليست حقا حيث ذكر أنه قال: وأيضا في ناموسكم مكتوب شهادة رجلين حق أنا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الأب الذي أرسلني " يو 8: 17 و 18 ".
فهل ترى أحدا من أوباش الناس يحتج لدعاويه بمثل هذا؟ أفيخفى على أحد من الناس أن المدعي لا يكون أحد الشاهدين لا في القضاء الشرعي ولا العرفي.
ومنها: ما أسلفناه أيضا من قول الإنجيل إن المسيح لما أجابه اليهود قائلين لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها، أجابهم يسوع أليس مكتوبا في ناموسكم أنا؟ قلت أنكم آلهة " يو 10: 33 و 34 ".
فهل ترى إن واحدا من الموحدين يحتج بهذا الاحتجاج وينسب الناموس المنسوب إلى الوحي إلى القول بالشرك وتعدد الآلهة؟ وقد أسلفنا ما في هذا من الكلام فراجعه.
الاحتجاج للمنع من الطلاق ومنها ما عن المسيح في احتجاجه للمنع من الطلاق.
ففي تاسع عشر متى 3 وجاء إليه الفريسيون ليجربوه قائلين له هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب 4 فأجاب وقال لهم: أما قرأتم إن الذين خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى 5.
وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا 6 إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد، فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان 7.