الفصل الثاني في ذكر نوح وما قيل في شأنه أما نبوته ورسالته في القرآن فقد تكرر ذكرها، ويكفي منه قوله تعالى في سورة هود 27: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه أني لكم نذير مبين).
وفي سادس التكوين " 9 " كان نوح رجلا بارا كاملا في أجياله وسار نوح مع الله - " 13 " وقال الله لنوح، وفي أولى السابع، وقال الرب لنوح وفي الثامن " 15 " وكلم الله نوحا " 20 "، وبني نوح مذبحا للرب في حادي عشر رسالة العبرانيين " 7 " بالإيمان نوح لما أوحى إليه عن أمور لم تر بعد، وفي ثامن رسالة بطرس الثانية " 5 " بل إنما حفظ الله نوحا ثامنا كارزا للبر.
وأما ما يقال في شأنه فقد دعا على قومه بالضلال، كما حكاه الله تعالى في سورة نوح عن قوله " 24 " (ولا تزد الظالمين إلا ضلالا) فيقال إن هذا خلاف الوظيفة النبوية، فإن الرسول المبعوث لهدى الخلق وصلاحهم لا يجوز له الدعاء عليهم مهما كانوا بالفساد والانحراف عن الله وسبيل الحق.
قلنا: ليس الضلال المدعو به ذكر بل المراد منه إضاعة طريق الرشد والتدبير في أمورهم وعوائدهم ليشتغلوا بحيرتهم في شؤونهم عن أذى الخلق وإضلالهم عن الحق، فهو دعاء عليهم بالعقوبة الدنيوية لأجل صلاح غيرهم فإن الضلال هو مطلق الإضاعة والتيه عن الطريق المطلوب، وتختلف أنحاء أفراده التي تزاد منه باعتبار الأمر المضيع والطريق الذي ضل عنه.