وغيرهم تذكارا لمراحمه تعالى، وذبحوا أولادهم للأصنام تذكارا لمراحمه تعالى، وجعلوا بيوت المأبونين عند بيت الرب تذكارا لمراحمه تعالى وخربوا بيت المقدس ونجسوه تذكارا لمراحمه تعالى، وتمادوا على ارتداداتهم وأحوالهم المذكورة في المقدمة الخامسة تذكارا لمراحمه تعالى، وأظرف من هذا كله أن المتكلف كان شاعرا بما في العهدين من تلويث قدس الأنبياء وخصوص المسيح بشرب الخمر فحاول أن يموه على البسطاء المغفلين ويلوث قدس خاتم المرسلين بشربها فتشبث لذلك بأخبار آحاد لم يتحقق سندها ولم يفهم مدلولها، ولو أنها صحت وكانت لها مداخلة في أصول الدين لكانت أجنبية عن مقصوده الممتنع عليه.
فقال " يه 1 ج ص 13 " إن محمدا شرب الخمر، وذكر عن ابن عباس أن رسول الله " ص " أتى السقاية في مكة وقال اسقوني من هذا فقال العباس:
ألا نسقيك مما في البيوت؟ فقال " ص ": ولا لكن اسقوني مما يشرب منه الناس فأتى بقدح من نبيذ فذاقه فقطب ثم قال هلموا وصبوا فيه الماء، ثم قال: زد فيه مرة أو مرتين أو ثلاثا، ثم قال إذا صنع أحد منكم هكذا فاصنعوا به وهكذا.
وذكر عن ابن مسعود أن رسول الله " ص " عطش وهو يطوف بالبيت فأتى بنبيذ من السقاية فشمه ثم دعا بذنوب من ماء زمزم " أي دلو " فصب عليه ثم شربه فقال له رجل: أحرام هذا يا رسول الله؟ فقال لا.
وقد غفل المتكلف أو تغافل عن أن اسم النبيذ مأخوذ من النبذ وهو الطرح، قد كان النبيذ على قسمين:
" أحدهما " أن يطرح التمر أو الزبيب في الماء في الأواني التي تصبر على التمادي إلى أن يبلغ حد الإسكار كأواني الدبا وهو القرع اليابس والمزفت وهي أوان تطلى بالزفت، والحنتمة وهي أوان خزفية تدهن بالقلى ونحوها فيترك زمانا طويلا إلى أن يبلغ حد الإسكار.
" وثانيهما " أن ماء الحجاز كان مرا مضرا فيطرح فيه لمداواة طعمه وطبعه ما يتمكن الأعرابي منه في ذلك الزمان وهو قليل من التمر فإن ترقى فالزبيب