والمجازفات التي يجب أن تنزه الأنبياء عن غلطها.
وإن كان الوجه في الاحتجاج هو أن كون الله إلها لإبراهيم وإسحاق ويعقوب إنما هو باعتبار وجود أرواحهم، فلو كانت أرواحهم منعدمة عند الموت لما صح قول الله لموسى أنا إله إبراهيم إلى آخره.
فيدل هذا الخطاب من الله لموسى على أن أرواح إبراهيم وإسحاق ويعقوب موجودة حين الخطاب لم تنعدم بموتهم.
قلنا: لو سلمنا إن الله ليس إلها للأجسام وأن الخطاب ليس باعتبار وجود أرواحهم في حياتهم الأولى لكان الخطاب المذكور لا يدل إلا على وجود أرواحهم حينئذ فلا يدل على قيامة الأجسام بعد بلائها من الموت.
وعلى كل حال لا تجد لهذا الاحتجاج ربطا بالمدعى وحاشا للأنبياء أن يحتجوا بمثل هذه الحجج الواهية، ويا أسفاه على القيامة أن توقف أمرها على مثل هذه الحجة، ويا أسفاه على توراة موسى إذ لا يوجد فيها من أمر القيامة ذكر حتى ألجأت الحاجة إلى التشبث بمثل هذا.
ويا لهفاه على قدس المسيح إذ ينسب له مثل هذه الاحتجاجات. ولا أقول لك ليست هذه الاحتجاجات من قول المسيح، بل أقول إنها ممن لا يعرف وجه الاحتجاج ولا يميز بين الصحيح والغلط فهي أنسب ما تكون بمن يقول لا بشر لا بحكمة كلام - استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة - لأن جهالة الله أحكم من الناس " 1 كو 1: 17 - 26 " أو بمن يحتج على التثليث بقول الله لموسى أنا إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب.
ومن العجيب أن أصحابنا النصارى يكلفوننا بأن نذعن بأن الأناجيل الأربعة هي الإنجيل الذي نزل على المسيح وصدقه القرآن الكريم وقال إنه نور وهدى، فيا لهفاه على النور والهدى إن كان كما نرى.
الأمر السادس: إن الأناجيل التي يدعون تواتر سندها إلى رسل موحى إليهم قد اختلفت اختلافا كثيرا يوضح أنها ليست من عند الله ويكفي ذلك اختلافها الفاحش في نسب المسيح.