يدعون فيها التواتر فيعلم كذب أحدهما أو كليهما إجمالا. ولأجل ظهور الكذب على بعض منقولاته.
لكنا قلنا: يمكن أن تكون دعوى اليهود صادقة في اتصال النقل والتواتر لدعوى موسى للرسالة وظهور المعجز على يده. وإن ظهر انقطاع النقل بل والكذب في نقل التوراة. وذلك لأجل اكتشاف الداعي إلى الكذب في نقل التوراة وهو حرص الكهنة ورؤساء الدين على إبقاء صورة الشريعة وآثار موسى بعد تلاشيها وانطماسها بدواهي التقلبات والانقلابات المشروحة في المقدمة الخامسة فلفقوها من أوهامهم ومن النقول المشتبه صدقها بكذبها وكابروا في حفظ اسمها وعنوانها بدعوى تواترها.
ومع ذلك لا يعدو أمر موسى في دعواه الرسالة وظهور المعجز على يده من حيث نقل اليهود أن يكون احتمالا وظنا لا يصلح أن يكون حجة في أصول الدين.
ولو أن نقل اليهود له أفاد العلم وكان حجة لما ثبت عندنا إلا مجرد نبوة موسى ولا أثر لذلك إلا وجوب الإيمان به فقط إذ لم تصل إلينا منه شريعة معلومة ولا كتاب معلوم.
ثم وجهنا نظرنا إلى دعوة المسيح وإنجيله وتعليمه وشريعته فوجدنا المعاصرين من النصارى متفقين في النقل على أنه ادعى الرسالة وظهرت على يده المعجزات وأنزل عليه الإنجيل.
ومتفقين أيضا على أنهم قد تسلموا هذا النقل مسلسلا عن أجيالهم يدا عن يد إلى الكثيرين من جيل المسيح السامعين لدعواه الرسالة والمشاهدين لمعجزاته.
ومتفقين أيضا بهذا الاتفاق في النقل على أن الأناجيل الأربعة الدارجة هي من تعاليم المسيح وأحواله الواقعية، وأنها قد كتبها رسل ملهمون عن الروح القدس ادعوا الرسالة وظهر على يدهم المعجز وأنهم " أعني النصارى " تسلموا هذا كله مسلسلا من نقل أجيالهم إلى الكثيرين السامعين من هؤلاء الرسل