معترفون بأن الله قادر على خلق الولد في رحم أمه من غير فحل.
وقد ظهرت قدرة الله في شأن آدم وحوا بأعظم من ذلك، وأن الطبيعة التي سخرها الله بقدرته صالحة لمثل هذا.
فقد وجدنا في الحيوانات المعتاد تخلقها بآلات التناسل قد تتخلق بغيرها كما هو المشاهد في " الفار " إذ يتخلق من الطين، والدجاج قد يبيض ويفرخ من غير فحل، فإن أخبر نبي بتولد إنسان من غير فحل وجب تصديقه لإخبار الصادق بأمر ممكن في قدرة الله جل شأنه مع صلاحية الطبيعة لمثله خصوصا مع وقوع ما هو من هذا القبيل، هذا وإن لم يخبر به النبي فلا ينبغي أن يستلب حقه من الإمكان والاحتمال وإن كان على خلاف العادة خصوصا إذا كانت المرأة الوالدة من المعروفات بالدين والعفاف.
دع هذا فنظرنا في هذا الاتفاق من النصارى المعاصرين المتساوي في جميع منقولاته على نحو أحد بحيث لا يمكن أن يكون متواترا في بعض منقولاته كاذبا في المنقولات الأخر فوجدناه مختل الأركان متناقض المنقولات مضطربا فيها مشتملا على ما يكذب بعضه بعضا وعلى واضحات الموانع من رسالة المسيح ولنذكر لك من ذلك شيئا يسيرا. فإن الاستقصاء يفضي إلى السئام والملل والخروج عن المقصود من وضع الكتاب والمقدمة. فاستمع من ذلك إلى أمور:
الأول: شهادة التاريخ بأن بعض منقولات هذا النقل ما ليس متواترا بل هو منقطع قد تواطأ على صحته بعض السلف بتلفيق الأدلة والمؤيدات بزعمهم فتبعهم الخلف واستعاروا له اسم التواتر.
ولنقتصر من نقل ذلك على ما نقله إظهار الحق فإنه الميسور تعجيله فقد نقل من ذلك موارد:
المورد الأول عن جيروم في مقدمته على كتاب يهوديت إن سبعة كتب وبعض الفقرات مما يدعي المعاصرون والمتأخرون تواتره قد كانت مشكوكة فانعقد مجلس العلماء المسيحيين لتحقيق أمرها بأمر السلطان قسطنطين في بلدة نائس " نيقية " سنة ثلاثمائة وخمس وعشرين فلم يتحقق وهي ست رسائل