منها، وحياة بعض المؤمنين من المنعمين، وحياة الشهداء أكمل وأعلى، فهذا النوع من الحياة والرزق لا يحصل لمن ليس في رتبتهم، وأما حياة الأنبياء فأعلى وأكمل وأتم من الجميع، لأنها للروح والجسد على الدوام على ما كان في الدنيا، على ما تقدم عن جماعة من العلماء.
ولو لم يثبت ذلك، فلا شك أن كمال حياتهم أيضا أكبر من الشهداء وغيرهم، أما بالنسبة إلى الروح، فلكمال اتصالها ونعيمها وشهودها للحضرة الإلهية، وهي مع ذلك مقبلة على هذا العالم، ومتصرفة فيه، وأما بالنسبة إلى الجسد، فلما ثبت من الحديث.
وبالجملة: كل أحد يعامل بعد موته كما كان يعامل في حياته، ولهذا يجب الأدب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد موته، كما كان في حياته.
وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: لا ينبغي رفع الصوت على نبي حيا ولا ميتا (1).
وروي عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تسمع صوت الوتد يوتد، والمسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فترسل إليهم: لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2).
قالوا: وما عمل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مصراعي داره إلا بالمناصع، توقيا لذلك، هكذا رواه الحسيني في (أخبار المدينة).
وهذا مما يدل على أنهم كانوا يرون أنه حي.
وعن عروة قال: وقع رجل في علي عند عمر بن الخطاب، فقال له عمر بن الخطاب: قبحك الله، لقد آذيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قبره.