وأشار إلى هذه الأقسام المحقق الطوسي في تجريد الاعتقاد حيث قال:
الموجود إن أخذ غير مسبوق بالغير أو بالعدم فقديم وإلا فحادث (1).
ولا يخفى أنه أشار بقوله: بالغير.. إلى تعريف القدم الذاتي، وبقوله:
بالعدم.. إلى تعريف القدم الزماني، على ما عليه الحكماء.
وتقدير كلامه: الوجود إن أخذ غير مسبوق بالغير فقديم ذاتي، أو بالعدم فقديم زماني، وإلا.. أي وإن لم يؤخذ غير مسبوق بل مسبوقا بالغير فحادث ذاتي، أو بالعدم فحادث زماني على أن يكون المراد بالعدم هو الزماني المقابل للوجود، وهذا الكلام يوافق الأقسام الأربعة التي ذكرها الفلاسفة على اصطلاحهم.
وأما المتكلمون، فلم يقسموا الحدوث والقدم إلى الذاتي والزماني، بل هما ليسا عندهم إلا زمانيين، فالقديم عندهم هو الله تعالى والحادث هو العالم.
هذا، ولا نجد ثمة ضرورة في البحث والمناقشة في هذه التعريفات، لعدم دخلها في المقصود، بل الذي نحن بصدد إثباته لا يتوقف على تحقيق هذه الأمور، فان الذي ثبت باجماع أهل الملل والنصوص المتواترة هو: حدوث جميع ما سوى الله سبحانه وتعالى، بمعنى أن أزمنة وجوده في جانب الأزل متناهية وفي وجوده ابتداء، والأزلي القديم - بمعنى ما لا أول له ولم يكن مسبوقا بالعدم - هو الله سبحانه (2).