وقد سمعنا قوما منهم يقولون: إن معنى ذلك: أنه الفعال فيها والمدبر لها.. فسألناهم هل ذلك يدافع عنها حقيقة الحدوث؟ فعادوا إلى الكلام الأول من أن كل واحد من أجزاء الصنعة محدث، فأعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الإقرار بحدوث الكل، وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم، فلم يجدوا مهربا من أن التقدم والقديم في الوجود على المحدث، هو التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون أحدهما موجودا والآخر معدوما.
ولسنا نقول: إن هذا التقدم موجب للزمان، لأن الزمان أحد الأفعال، والله تعالى متقدم لجميع الأفعال، وليس أيضا من شرط التقدم والتأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان، لأن الزمان نفسه قد يتقدم بعضه على بعض.
ولا يقال: إن ذلك مقتض لزمان آخر، والكلام في هذا الموضع جليل، ومن فهم الحق فيه سقطت عنه شبه كثيرة (1).
وقال (رحمه الله) - بعد إيراد جواب السيد (رحمه الله) عن شبهة القائل بالقدم -:..
وجميع ما تضمنه من إطلاق القول بأن بين القديم وأول المحدثات أوقات لا أول لها.. فإنما المراد به تقدير أوقات، دون أن يكون القصد أوقاتا في الحقيقة، لأن الأوقات أفعال، وقد ثبت أن للأفعال أولا، فلو قلنا: إن بين القديم وأول الأفعال أوقاتا في الحقيقة لناقضناه ودخلنا في مذهب خصمنا، نعوذ بالله من القول بهذا (2).
ثم قال: وقد قال بعض أهل العلم: إنه لا ينبغي أن نقول بين القديم وبين