وتنادى الناس من كل جانب: أصبت يا أمير المؤمنين، أصاب الله بك الرشاد.
فقام عمار وقال:
يا أيها الناس، إنكم - والله - إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيس شعرة، وكيف يكون ذلك؟ وقد استودعه رسول الله صلى الله عليه وسلم المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران، إنه قال له رسول الله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فضلا خصه الله به إكراما منه لنبيه حيث أعطاه ما لم يعط أحدا من خلقه.
ثم قال علي: انظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له، فإن العالم أعلم بما يأتي من الجاهل الخسيس الأخس، فإني حاملكم - إن شاء الله تعالى، إن أطعتموني - على سبيل الجنة وإن كان ذا مشقة شديدة ومرارة عتيدة، والدنيا حلوة الحلاوة لمن اغتر بها من الشقوة والندامة عما قليل. ثم إني مخبركم أن خيلا من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لا يشربوا من النهر، فلجوا في ترك أمره، فشربوا منه إلا قليلا منهم، فكونوا رحمكم الله من أولئك الذين أطاعوا نبيهم ولم يعصوا ربهم " (1).
فقد جعل الصحابي الجليل عمار بن ياسر - رضي الله عنه - حديث المنزلة دليلا على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد استودع الإمام عليا عليه السلام علم المنايا والوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون، وهو المعصوم عن الخطأ والمصون عن النقائص... فاستفاد من حديث المنزلة الدلالة على عصمة الإمام عليه السلام ووجوب إطاعته واتباعه، كما يجب إطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لكونه على منهاجه تماما...