فقال علي: ولم ويحك؟
قال: لأنك قسمت ما في العسكر وتركت الأموال والنساء والذرية.
فقال علي: أيها الناس من كان به جراحة فليداوها بالسمن.
فقال عباد: جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات!
فقال له علي: إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف.
فقال رجل من القوم: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟
فقال: رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها.
قال: فيموت أو يقتل؟
قال: بل يقصمه قاصم الجبارين، قتله بموت فاحش يحترف منه دبره لكثرة ما يجري من بطنه.
يا أخا بكر، أنت امرؤ ضعيف الرأس! أو ما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير، وإن الأموال كانت لهم قبل الفرقة، وتزوجوا على رشده، وولدوا على الفطرة، وإنما لكم ما حوى عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم، فإن عدا علينا أحد منهم أخذناه بذنبه، وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره. يا أخا بكر: لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أهل مكة، قسم ما حوى العسكر ولم يعرض لما سوى ذلك، وإنما اتبعت أثره حذو النعل بالنعل. يا أخا بكر أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق. فمهلا يرحمكم الله.
فإن أنتم لم تصدقوني وأكثرتم علي، وذلك أن تكلم في هذا غير واحد، فأيكم يأخذ أمه عائشة بسهمه؟
قالوا: لا أينا يا أمير المؤمنين، بل أصبت وأخطأ، وعلمت وجهلنا. ونحن نستغفر الله.