يكون مشتركا، ولا للمشترك، بل حقيقة فيه ومجازا في المنقطع، فلذلك لم يحمله علماء الأمصار على المنفصل إلا عند تعذر المتصل، حتى عدلوا للحمل على المتصل عن الظاهر وخالفوه، ومن ثم قالوا في قوله: له عندي مائة درهم إلا ثوبا، وله علي إبل إلا شاة معناه: إلا قيمة ثوب أو قيمة شاة، فيرتكبون الإضمار وهو خلاف الظاهر ليصير متصلا، ولو كان في المنقطع ظاهرا لم يرتكبوا مخالفة ظاهر حذرا عنه ".
وقال البهاري: " أداة الاستثناء مجاز في المنقطع، وقيل حقيقة، فقيل:
مشترك، وقيل: متواطئ، أي وضعت لمعنى فيها وضعا واحدا. لنا: إن المتصل أظهر، فلا يتبادر من نحو: جاء القوم إلا إرادة إخراج البعض، فلا يكون مشتركا ولا للمشترك، ومن ثمة لم يحمله علماء الأمصار عليه ما أمكن المتصل ولو بتأويل، فحملوا: له علي ألف إلا كرا على قيمته " (1).
وقال عبد العزيز البخاري: " وقال [الشافعي] في رجل قال: لفلان علي ألف درهم إلا ثوبا: إن الاستثناء صحيح، ويسقط من الألف قدر قيمة الثوب، لأن معناه إلا ثوبا فإنه ليس علي من الألف، لأنه ليس بيانا إلا هكذا.
ثم الدليل المعارض - وهو الاستثناء - واجب العمل بقدر الإمكان، إذ لو لم يعمل به صار لغوا، والأصل في كلام العاقل أن لا يكون كذلك، فإن كان المستثنى من جنس المستثنى منه يمكن إثبات المعارضة في عين المستثنى، والإمكان ههنا في أن يجعل نفيا لقدر قيمة الثوب لا لعينه، فيجب العمل به كما قال أبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله - في قول الرجل: لفلان علي ألف إلا كرا حنطة: إنه يصرف إلى قيمة الكر، تصحيحا للاستثناء بقدر الإمكان. قال: ولو كان الكلام عبارة عما وراء المستثنى كما قلتم ينبغي أن يلزمه الألف كاملا، لأن