قال: " قوله: وكذلك قوله تعالى: * (إلا أن يعفون) * أي: ومثل قوله تعالى:
* (إلا الذين تابوا) * قوله عز وجل: * (إلا أن يعفون) *، فإنه استثناء حال أيضا، إذ لا يمكن استخراج العفو الذي هو حالهن عن نصف المفروض حقيقة، لعدم المجانسة، فيحمل الصدر على عموم الأحوال، أي: لهن نصف ما فرضتم، أو عليكم نصف ما فرضتم في جميع الأحوال، أي: في حال الطلب والسكوت، وحال الكبر والصغر، والجنون والإفاقة، إلا في حالة العفو، إذا كانت العافية من أهله، بأن كانت عاقلة بالغة، فكان تكلما بالباقي نظرا إلى عموم الأحوال... ".
قال: " قوله: وكذلك. أي ومثل قوله تعالى: * (إلا أن يعفون) * قوله عليه الصلاة والسلام: إلا سواء بسواء. فإنه استثناء حال أيضا، لأن حمل الكلام على الحقيقة واجب ما أمكن، ولا يمكن استخراج المساواة من الطعام، فيحمل الصدر على عموم الأحوال، فصار كأنه قيل: لا تبيعوا الطعام بالطعام في جميع الأحوال من المفاضلة والمجازفة والمساواة إلا في حالة المساواة، ولا يتحقق هذه الأحوال إلا في الكثير...
فإن قيل: لا نسلم أن هذا استثناء متصل، بل هو استثناء منقطع، لاستحالة استخراج المساواة التي هي معنى من العين، فيكون معناه: لكن إن جعلتموها سواء فبيعوا أحدهما بالآخر، فيبقى الصدر متناولا للقليل والكثير. وقولكم:
العمل بالحقيقة أولى، مسلم، ولكن إذا لم يتضمن بالعمل بها مجازا آخر وقد تضمن ههنا، لأنه لا يمكن حمله على الحقيقة إلا بإضمار الأحوال في صدر الكلام، والإضمار من أبواب المجاز...
قلنا: حمل الكلام على الحقيقة واجب، فلا يجوز حمله على المنقطع الذي هو مجاز من غير ضرورة. وقولهم: حمله على الحقيقة يتضمن مجازا آخر. قلنا: قد قام الدليل على هذا المجاز وهو الإضمار، فوجب العمل به. فأما