إلى بغيتهما كانا عاصيين. وقوله عليه السلام: فمن أراد العلم فليأت الباب، ليس المراد به التخيير، بل المراد به الايجاب والتهديد كقوله عز وجل (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) والدليل على ذلك أنه ليس ههنا نبي غير محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو مدينة العلم ودار الحكمة، فيكون العالم مخيرا بين الأخذ من أحدهما دون الآخر، وفقد ذلك دليل على إيجابه وأنه فرض لازم. والحمد لله.
ثم لا يخفى على أولي الألباب أن المراد بالباب في هذه الأخبار الكناية عن الحافظ للشئ الذي لا يشذ عنه منه شئ، ولا يخرج إلا منه ولا يدخل عليه إلا به. وإذا ثبت أنه عليه السلام الحافظ لعلوم النبي صلى الله عليه وآله وحكمته، وثبت أمر الله تعالى ورسوله بالتوصل به إلى العلم والحكمة وجب اتباعه والأخذ عنه، وهذا حقيقة معنى الإمام، كما لا يخفى على ذوي الأفهام " (1).
والخامس: لقد توهم (الدهلوي) في هذه العبارة، فذكر أن الباب له رئاسة الدار، وقد كان عليه أن يقول هنا: باب المدينة له رئاسة المدينة، ألا يفرق (الدهلوي) بين " الدار " و " المدينة "؟
والسادس: إن للدهلوي هنا غلطا آخر، فإن للباب رئاسة على الداخلين والخارجين من المدينة أو الدار، لا على نفس المدينة أو الدار... وهذا مما لا يرتاب فيه عاقل... فهذا خطأ من (الدهلوي) في خطأ في خطأ.
والسابع: قد عرفت أن كونه عليه السلام باب مدينة العلم يثبت إمامته ومرجعيته لجميع الخلائق في جميع العلوم،... وكونه باب مدينة العلم بهذا المعنى متحد مع الإمامة كما لا يخفى.
وأيضا: يدل الحديث على الأعلمية، والأعلمية مستلزمة للإمامة.