وابن عم المصطفى، والعالم في الدرجة العليا، والمعضلات التي سأله كبار الصحابة عنها ورجعوا إلى فتواه، فيها فضائل كثيرة شهيرة، تحقق قوله عليه السلام: أنا مدينة العلم وعلي بابها. وقوله عليه السلام: أقضاكم علي " (1).
القاري أيضا بعد نقل حكاية مكذوبة في تعلم الخضر عليه السلام من أبي حنيفة: " ولا يخفى أن هذا من كلام بعض الملحدين الساعي في فساد الدين، إذ حاصله أن الخضر - الذي قال الله تعالى في حقه: (عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) وقد تعلم موسى عليه السلام بعض العلوم منه بما أوتي علما - من جملة تلاميذ أبي حنيفة، ثم عيسى عليه السلام يأخذ أحكام الإسلام من تلميذ تلميذ أبي حنيفة في ذلك المقام، وما أسرع فهم التلميذ حيث أخذ عن الحضر في ثلاث سنين ما تعلم الخضر من أبي حنيفة حيا وميتا في ثلاثين سنة. وأعجب منه أن أبا القاسم القشيري ليس معدودا في طبقات الحنفية وإنما هو أحد أكابر الشافعية.
ثم العجب من الخضر أنه أدرك النبي عليه السلام ولم يتعلم منه الإسلام ولا من علماء الصحابة الكرام، كعلي باب مدينة العلم وأقضى الصحابة، وزيد أفرضهم، وأبي أقرأ القراء، ومعاذ بن جبل الأعلم بالحلال والحرام. ولا من التابعين العظام كالفقهاء السبعة. وسعيد بن المسيب بالمدينة، وعطاء بمكة، والحسن بالبصرة، ومكحول بالشام. وقد رضي لجهله بالشريعة الحنيفية حتى تعلم مسائلها بدلائلها في أواخر عمر أبي حنيفة، فهذا مما لا يخفى بطلانه على العقول السخيفة والفهوم الضعيفة. بل لو أطلق على هذه المقالة الردية علماء الشافعية أو الحنابلة أو المالكية أخذوها على وجه السخرية وجعلوها وسيلة في قلة عقل الطائفة الحنفية، حيث لم يعلموا أن أحدا منهم لم يرض بهذه القضية بالكلية. ثم لو تعرضت لما في منقوله من الخطأ في مبانيه ومعانيه الدالة على نقصان