بذلك، ففي بعضها مسندا إلى جابر: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. وفي بعضها مسندا إلى علي عليه السلام: يا علي أنا المدينة وأنت الباب. كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب. وروي عن ابن عباس: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. وعن ابن عباس أيضا: أنا مدينة الجنة وعلي بابها فمن أراد الجنة فليأتها من بابها. وعن ابن عباس أيضا بطريق آخر: أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب.
فهذا يقتضي وجوب الرجوع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كنى عن نفسه الشريفة بمدينة العلم ومدينة الجنة وبدار الحكمة، ثم أخبر أن الوصول إلى علمه وحكمته وإلى جنة الله سبحانه من جهة علي خاصة، لأنه جعله كباب مدينة العلم والحكمة والجنة التي لا يدخل إليها إلا منه، وكذب عليه السلام من زعم أنه يصل إلى المدينة لا من الباب. وتشير إليه الآية أيضا كما ذكرناه.
وفيه دليل على عصمته وهو ظاهر، لأنه عليه السلام أمر بالاقتداء به في العلوم على الاطلاق، وفيجب أن يكون مأمونا عن الخطأ.
ويدل على أنه إمام الأمة، لأنه الباب لتلك العلوم. ويؤيد ذلك ما علم من اختلاف الأمة ورجوع بعض إلى بعض وغناءه عليه السلام عنها.
ويدل أيضا على ولايته وإمامته عليه السلام وأنه لا يصح أخذ العلم والحكمة ودخول الجنة في حياته صلى الله عليه وآله إلا من قبله، ورواية العلم والحكمة إلا عنه لقوله تعالى (وأتوا البيوت من أبوابها) حيث كان عليه السلام هو الباب. ولله در القائل:
مدينة علم وابن عمك بابها * فمن غير ذاك الباب لم يؤت سورها ويدل أيضا على أن من أخذ شيئا من هذه العلوم والحكم التي احتوى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غير جهة علي عليه السلام كان عاصيا كالسارق والمتسور، لأن السارق والمتسور إذا دخلا من غير الباب المأمور به ووصلا