أبو حاتم محله الصدق وكان مغفلا. وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به. وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح. قلت: وروينا في مناقب البخاري بسند صحيح إن إسماعيل أخرج له أصوله وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به، ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه، لأنه كتب من أصوله، وعلى هذا فلا يحتج بشئ من حديثه غير ما في الصحيح، من أجل ما قدح فيه النسائي وغيره، إلا أن يشاركه غيره فيعتبر به " (1).
وأنت ترى أنه لم يذكر في هذه العبارة كثيرا من كلمات الجرح في الرجل، التي أوردها هو نفسه بترجمته من (تهذيب التهذيب)... بل حتى أنه سلك سبيل الاجمال فيما ذكره، حماية للبخاري وذبا عن كتابه مهما أمكن...
وأما دعوى أن " ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح حديثه لأنه كتب من أصوله " - ولعل هذا هو المقصود من قوله: " وقد أوضحت... " - فالجواب عنها: أن هذا غير مسلم، ولو سلم فلا ينفع، لأن الرجل بالإضافة إلى ضعف عقله وتخليطه وكذبه... يعترف على نفسه بالوضع... فإذا كان الرجل بنفسه معترفا بالوضع كيف يطمئن ويوثق بأخباره حتى أصوله؟... ومن هنا ترى ابن حجر يقول بالتالي: " فلا يحتج بشئ من حديثه غير ما في الصحيح... " وهذا حسن ظن بالبخاري وفعله لا غير.
وقال العيني في المقدمة السابعة: " وأما إسماعيل بن أبي أويس فإنه أقر على نفسه بالوضع كما حكاه النسائي عن سلمة بن شعيب [شبيب] عنه. وقال ابن معين: لا يساوي فلسين، هو وأبوه يسرقان الحديث، وقال النضر بن سلمة المروزي فيما حكاه الدولابي عنه: كذاب كان يحدث عن مالك بمسائل ابن وهب ".