التحقيق، فرأيت أن أذكر كلامه استشهادا، قال الشيخ في الباب السادس من الفتوحات المكية: إن الله تبارك وتعالى لما أراد بدأ ظهور العالم على حد ما سبق في علمه انفصل العالم من تلك الإرادة المقدسة بضرب تجل من تجليات التنزيه إلى الحقيقة الكلية، فحدث الهباء وهو بمنزلة طرح البناء الجص ليفتح فيه من الأشكال والصور ما شاء، وهذا هو أول موجود في العالم. ثم إنه تعالى تجلى بنوره إلى ذلك الهباء والعالم كله فيه بالقوة، فقبل منه كل شئ في ذلك الهباء على حسب قربه من النور، كقبول زوايا البيت نور السراج، فعلى حسب قربه من ذلك النور يشتد ضوؤه وقبوله، ولم يكن أحد أقرب إليه قبولا من حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم، فكان أقرب قبولا من جميع ما في ذلك الهباء، فكان صلى الله عليه وسلم مبدأ ظهور العالم وأول موجود.
قال الشيخ محيي الدين: وكان أقرب الناس إليه في ذلك الهباء علي بن أبي طالب إمام العالم بأسره والجامع لأسرار الأنبياء أجمعين - إنتهى ما في اليواقيت والجواهر نقلا من الفتوحات. فاحفظ ذلك التحقيق تجده نافعا معينا في كشف كل فضيلة ومنقبة ماضية وآتية إن شاء الله تعالى، فإنه أصل كل منقبة والله أعلم " (1).
* * *