الله عليه وسلم، الذي دعانا إلى قبوله وأمرنا بالعمل بمحكمه والايمان بمتشابهه.
فقال: عن أية آية تسألني، عن محكمه أو متشابهه، أم عن تقديمه أو تأخيره، أم عن ناسخة أم عن منسوخة، أم عما ثبت حكمه ونسخت تلاوته، أم عما ثبت تلاوته وارتفع حكمه، أم عما ضربه الله مثلا أم عما ضربه الله اعتبارا، أم عما أمضى ما فيه فعال الأمم الماضية، أم عما قصدنا الله من فعلهم تحذيرا؟ قال:
فما زال حتى عدله الشافعي ثلاثا وسبعين حكما في القرآن.
فقال له الرشيد: ويحك يا شافعي، أفكل هذا يحيط به علمك؟
فقال يا أمير المؤمنين: المحنة على العالم كالنار على الفضة، تخرج جودتها من رادءتها، فها أنا ذا فامتحن.
فقال له الرشيد: ما أحسن أن أعيد ما قلت، فسأسألك بعد هذا المجلس إن شاء الله تعالى.
قال له: كيف بصرك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال له الشافعي: إني لأعرف منها يا أمير المؤمنين ما خرج على وجه الايجاب لا يجوز تركه، كما لا يجوز ترك ما أوجبه الله في القرآن، وما خرج على وجه التأديب، وما خرج على وجه الخاص لا يشرك فيه العام، وما خرج على وجه العموم يدخل فيه الخصوص، وما خرج جوابا عن سؤال سائل ليس لغيره استعماله، وما خرج منه ابتداءا لازدحام العلوم في صدره، وما جعله في خاصة نفسه وافتدى به الخاصة والعامة، وما خص به نفسه دون الناس كلهم مع ما لا ينبغي ذكره، لأنه أسقطه صلى الله عليه وسلم ذكرا.
فقال: أجدت الترتيب يا شافعي لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحسنت موضعها بوصفها، فلما حاجتنا إلى التكرار عليك، ونحن نعلم ومن حضر أنك نصابها.
فقال له الشافعي: فلك من فضل الله علينا وعلى الناس، وإنما شرفنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبك.