الأمر يسبب ضعفه ويؤدي إلى جرحه، ولذا قال الفخر الرازي - بعد ما حاول الدفاع عنه بالأساليب المختلفة -:
" ولو كان الأمر كذلك فكيف جاز للشافعي أن يتمسك بروايات مالك رحمهما الله تعالى؟ وكيف يجوز أن يقول: إذا ذكر أهل الأثر فمالك النجم ".
وهذا نص كلام الرازي بطوله: " الفصل الثالث في ثناء الشافعي على أستاذيه ومشايخه: كان يقول: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وقال: إذا ذكر أهل الأثر فمالك النجم. وقال: كان مالك إذا شك في شئ من الحديث ترك كله. وحكى الشافعي أنه اجتمع مالك وأبو يوسف عند الرشيد فتكلما في الوقوف وما يحبسه الناس فقال يعقوب: هذا باطل، لأن محمدا صلى الله عليه وسلم جاء بإطلاق الحبس، فقال مالك: إنما جاء بإطلاق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة والسائبة، أما الوقوف فهذا وقف عمر بن الخطاب حين استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: احبس الأصل وسبل الثمرة ولهذا وقف الزبير، فأعجب الخليفة هذا الكلام ونفى يعقوب.
وكان الشافعي يقول: ما أعلم بعد كتاب الله أصح من موطأ مالك. وقيل للشافعي: هل رأيت أحدا ممن أدركت مثل مالك بن أنس؟ فقال: سمعت من تقدمنا في السن والعلم يقولون: ما رأينا مثل مالك، فكيف نرى نحن مثله! قال الشافعي: إن مالكا كان مقدما عند أهل العلم بالمدينة والحجاز والعراق في الفضل، ومعروفا عندهم بالإتقان في الحديث ومجالسة العلماء، وكان ابن عيينة إذا ذكره رفع ذكره وحدث عنه، وكان مسلم بن خالد الزنجي - وهو مفتي أهل مكة وعالمهم في زمانه - يقول: جالست مالك بن أنس في حياة جماعة من التابعين.
فإن قال قائل: لما كان حال مالك في العلم والدين ما ذكرتم، وكان تعظيم الأستاذ واجبا على كل مسلم فكيف أقدم الشافعي على مخالفته؟ وكيف جوز من نفسه أن يضع الكتاب عليه؟
فالجواب قال البيهقي: قرأت في كتاب أبي يحيى زكريا بن يحيى الساجي:
إن الشافعي إنما وضع الكتاب على مالك لأنه بلغه أن بالأندلس قلنسوة لمالك يستشفى بها، وكان يقال لهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: