يشك في ثبوت حديث الثقلين، فضلا عن أن يطعن فيه كالبخاري وابن الجوزي وابن تيمية. وكيف يقدم أدنى مسلم على ذلك مع رواية أساطين علماء أهل السنة لحديث الثقلين بكامله؟!
ولهذا قال عمرو بن بحر الجاحظ في (رسالة مدح أهل البيت) ما نصه:
" إعلم أن الله تعالى لو أراد أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس لما أبان منهم ذوي القربى، ولما قال: * [وأنذر عشيرتك الأقربين] * وقال تعالى: * [وإنه لذكر لك ولقومك] *، وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم فكل من كان أقرب كان أرفع ولو سواهم بالناس لما حرم عليهم الصدقة، وما هذا التحريم إلا لإكرامهم، ولذلك قال للعباس حين طلب ولاية الصدقات، لا أوليك غسالات خطايا الناس وأوزارهم، بل أوليك سقاية الحاج والانفاق على زوار الله. ولهذا كان رباه أول ربا وضع، ودم ابن ربيعة ابن الحارث أول دم هدر، لأنهما القدوة في النفس والمال، ولهذا قال علي على منبر الجماعة:
نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد من الناس. وصدق كرم الله وجهه.
كيف يقاس بقوم منهم رسول الله صلى الله عليه وآله والأطيبان علي وفاطمة، والسبطان الحسن والحسين، والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر، وسيد الوادي عبد المطلب وساقي الحجيج العباس. والنجدة والخير فيهم، والأنصار أنصارهم والمهاجرون من هاجر إليهم ومعهم، والصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم، وذو الشهادتين لأنه شهد لهم، ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم. وقال عليه السلام: " إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
وإذا كان الجاحظ - على ما هو عليه من المساوئ والقبائح - يذكر حديث الثقلين استدلالا به على فضل أهل البيت عليهم السلام، فهل يشك مسلم في صحة هذا الحديث، أو في جملة " وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي