فلقد علمت من البيانات السابقة - والحمد لله - أنه صلى الله عليه وآله لم يوص باتباع كتاب الله فحسب، بل إنه أمر يوم عرفة وغيره باتباع أهل بيته الطاهرين مع كتاب الله، وكيف يأمر صلى الله عليه وآله باتباع كتاب الله تعالى فحسب وقد تحقق عدم افتراق الثقلين بنصه صلى الله عليه وآله حتى يردا عليه الحوض، وذلك ظاهر لا يحتاج إلى مزيد بيان.
العاشر: قوله بعد ذلك: " وهو لم يأمر باتباع العترة ولكن قال أذكركم الله في أهل بيتي ".
والجواب عنه بوجوه:
أولا - إن النبي صلى الله عليه وآله أمر باتباع عترته في مواضع وخطب ووصايا لا تحصى كثرة، وفي حديث الثقلين أمر باتباعهم على وجه الخصوص، كما تقدم ذلك مرارا عديدة، وهو ثابت أيضا في حديث صحيح مسلم - وإن لم يكن يسلم من التحريف والاسقاط كما تقدم - وهذا بوحده كاف لاستيصال أصل الشبهة.
بل نقول: إنه لو لم يكن في صحيح مسلم سوى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني تارك فيكم الثقلين " لكفى دليلا على وجوب التمسك بأهل البيت عليهم السلام كوجوب التمسك بكتاب الله، ويؤيد ذلك ما ذكره محققوهم في بيان وجه تسميه الكتاب والعترة بالثقلين:
قال الأزهري في (تهذيب اللغة) على ما نقل عنه ابن منظور في (لسان العرب): " قال ثعلب: سميا ثقلين لأن الأخذ بهما ثقيل، والعمل بهما ثقيل ".
وقال ابن الأثير في (النهاية): " سماها ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ".
وقال السخاوي في (استجلاب ارتقاء الغرف): " إنما سماهما بذلك إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما، فإنه يقال لكل شئ خطير نفيس ثقل، وأيضا فلأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ومنه قوله تعالى: * [سنلقي عليك