وقال عمر: وخشيت أن ينزل في قرآن (1).
ولما جعل عمر يرد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام قال له أبو عبيدة بن الجراح:
ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما يقول، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقال الرسول (صلى الله عليه وآله) يومئذ: يا عمر إني رضيت وتأبى. وكان الصلح على أن يرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه من الحديبية، فإذا كان العام القابل، تخرج قريش من مكة، فيدخلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه، فيقيم بها ثلاثا، وليس معه من السلاح سوى السيوف في القرب، وأن توضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف فيها بعضهم عن بعض، وأنه من أحب من العرب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وأن يكون بين الفريقين عيبة مكفوفة (أي صدور منطوية على ما فيها لا تبدي عداوة) وأنه لا إسلال ولا إغلال (أي لا سرقة ولا خيانة)، وأنه من أتى محمدا من قريش ممن هو على دين محمد بغير إذن وليه رد إليه، ومن أتى قريشا ممن مع محمد فارتد عن الإسلام لا ترده قريش إليه، فقال المسلمون: سبحان الله كيف نرد للمشركين من جاءنا منهم مسلما. وعظم عليهم هذا الشرط.
فقالوا يا رسول الله: أتكتب هذا على نفسك؟
قال: نعم إنه من ذهب منا مرتدا أبعده الله، ومن جاءنا مسلما فرددناه إليهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا.
فبينما رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو وسهيل بن عمرو بن عبد ود العامري يكتبان الكتاب بالشروط المذكورة، إذ جاء أبو جندل - واسمه العاص - بن عمرو بن عبد ود العامري إلى المسلمين، يرسف في قيوده، وكان أسلم بمكة قبل ذلك، فمنعه أبوه