وعن السائب بن يزيد قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة:
لتتركن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو لألحقنك بأرض دوس، وقال لكعب:
لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة (1). في حين سمح عمر لكعب بذكر قصص أهل الكتاب وعلومهم الدينية في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) (2) ولم يخف اختلاطها بالقرآن.
وقال ابن عباس: كنا نكتب العلم ولا نكتبه، أي أنهم يكتبون الحديث كي يحفظوه ثم يمحونه. وقال محمود أبو رية العالم المصري الكبير عن عذر عمر في خوفه من اختلاط الحديث مع القرآن:
" هو سبب لا يقتنع به عاقل عالم... اللهم إلا إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة، وأن أسلوبها في الإعجاز من أسلوبه.
وهذا ما لا يقره أحد حتى الذين جاءوا بهذا الرأي. إذ معناه إبطال معجزة القرآن، وهدم أصولها من القواعد.
وبين الحديث والقرآن ولا ريب فروق كثيرة، يعرفها كل من له بصر بالبلاغة وذوق في البيان.
على أن هذا السبب الذي يتشبثون به قد زال بعد أن كتب القرآن في عهد أبي بكر على ما رووه. وبعد أن نسخ في عهد عثمان ووزعت منه نسخ على الأمصار وأصبح من العسير بل من المستحيل أن يزيدوا على القرآن حرفا واحدا " (3).
وقال مالك بن أنس إن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو كتبها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله (4).