وبذلك فإن القرآن محفوظ من المخاطر، ولا خوف عليه من اختلاطه بالحديث النبوي. لذلك دعا النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة جميعا إلى كتابة الحديث.
ودعوة النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة إلى كتابة الحديث الشريف تثبت اطمئنانهم على القرآن الكريم. وتبين أهمية كتابة الحديث.
والظاهر أن السبب في عدم موافقة الحزب القرشي في كتابة الحديث الشريف هو رغبتهم في إخفاء الحديث المبين لأحقية الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة، ومكانة أهل البيت (عليهم السلام) ومناقبهم هذا أولا.
وثانيا: إفساح المجال أمام الخلفاء للاجتهاد في النصوص الدينية وفق مصالحهم.
قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيرا.
قالت: فغمني فقلت: أتتقلب لشكوى أو لشئ بلغك؟
فلما أصبح قال لي: بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها.
فقلت: لم أحرقتها؟
قال: خشيت أن أموت وهي عندي، فيكون فيها أحاديث عن رجل إئتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني، فأكون قد نقلت ذاك (1).
والواضح أن الهدف من وراء إحراق الحديث لم يكن كما ذكره أبو بكر، لأن أبا بكر قد سمعها من النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة، ويمكنه أن يتوثق من الأحاديث بالاستفسار عنها من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) وهم كثيرون، والفاصلة الزمنية بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) قليلة، لأن أبا بكر حكم سنتين بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله).